Explanation of Uncovering the Doubts by Khaled Al-Mosleh
شرح كشف الشبهات لخالد المصلح
Genre-genre
إيمان كفار قريش بتوحيد الربوبية
ثم بين ﵀ أن الذين بعث فيهم النبي ﷺ كانوا يقرون بتوحيد الربوبية فقال: [وإلا فهؤلاء المشركون يشهدون أن الله هو الخالق وحده لا شريك له، وأنه لا يرزق إلا هو، ولا يحيي إلا هو، ولا يميت إلا هو، ولا يدبر الأمر إلا هو، وأن جميع السماوات ومن فيهن، والأرضين السبع ومن فيهن كلهم عبيده، وتحت تصرفه وقهره] ولكن هذا الإقرار لم ينفع المشركين؛ إذ أن إقرارهم بأن الله ﷾ هو الخالق، وأنه هو المالك، وأنه هو المدبر، وأنه هو الرازق، لم ينقلهم من الشرك إلى التوحيد، وهذا يفيدك فائدة مهمة، وهي أن من يفسر لا إله إلا الله بأنه لا خالق إلا الله، وأنه لا مدبر إلا الله، وأنه لا مخترع إلا الله؛ فإنه قد ضل ضلالًا مبينًا، إذ أن هذا لا خلاف فيه بين الرسل وأقوامهم؛ فإن الله قد فطر الخلق على الإقرار بربوبيته ﷾، وإنما وقع الخلاف في صرف العبادة لغيره، فالمشركون استساغوا وسوغوا صرف العبادة لغير الله تعالى، والرسل جاءت تأمر الناس بوجوب صرف العبادة له وحده دون غيره ﷾.
وتوحيد الربوبية تقدم الكلام عليه، وهو إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير، ودليل هذا ما ذكره الشيخ بقوله: فإذا أردت الدليل على أن هؤلاء الذين قاتلهم رسول الله ﷺ يشهدون بهذا فاقرأ قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ [يونس:٣١] فالمشركون يقرون بأن الله هو الخالق، وأنه هو المالك، وأنه هو المدبر، ويطهر هذا الإقرار من هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾ [يونس:٣١] فهذا فيه الخلق، والإقرار بأن الله ﷾ هو المحيي المميت، وأنه لا يحيي إلا هو، ولا يميت إلا هو، وهذا من مستلزمات الإقرار بتوحيد الربوبية، ولذلك يقول بعض العلماء: توحيد الربوبية هو أن تقر بأنه لا خالق إلا الله، ولا مالك إلا الله، ولا مدبر إلا الله، وأن الله هو المحيي المميت، فنحن حين نقول: إن الإحياء خلق، فهذا لا إشكال فيه، لكن كيف تكون الإماتة خلقًا؟ الله ﷿ قال: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك:٢] فالذي قال: إن الموت خلق هو الله جل ذكره، إذًا: هذا هو الدليل على أن الإماتة والإحياء من الخلق، والخلق من مستلزمات الإقرار بأن الله جل ذكره هو الرب.
ودليل الملك في قوله: ﴿أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ﴾ [يونس:٣١]، ودليل التدبير في قوله: ﴿وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ [يونس:٣١] والرزق داخل تحت هذه الثلاثة الأمور، ولو أضفته مستقلًا فلا بأس.
إذًا: هذه الآية جمعت ما يجب اعتقاده في ربوبية الله ﷾، ولذلك فإن حفظها يجمع لك ما يجب اعتقاده في ربوبية الله ﷾: أنه هو الخالق، وأنه هو المالك، وأنه هو المدبر والآيات في تقرير ذلك كثيرة، منها ما ذكره الشيخ ﵀ وهي قوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون:٨٤-٨٩] .
والمراد بـ (ملكوت) في هذه الآيات: هي خزائن السماوات والأرض، فالله ﷿ أمر نبيه أن يقول للمشركين: من بيده خزائن السماوات والأرض؟ فأقر المشركون بأنها لله ﷾، فالله هو المالك والخالق والمدبر ﷾.
قال: [وغير ذلك من الآيات] أي: الآيات الدالة على ربوبية الله ﷾ والدالة على أن المشركين كانوا يقرون بتوحيد الربوبية.
2 / 4