231

شرح عمدة الفقه - الراجحي

شرح عمدة الفقه - الراجحي

Genre-genre

ما يشترط في صحة صلاة الجمعة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب صلاة الجمعة.
كل من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة، إذا كان مستوطنًا لبناء بينه وبينها فرسخ فما دون ذلك].
كل من لزمته المكتوبة -يعني: الفريضة- لزمته الجمعة، فكل من لزمه أن يصلي الجماعة لزمه أن يصلي الجمعة، يعني: فرض عين عليه كما أن الجماعة فرض عين على كل مسلم، لكن الجمعة لها شروط أيضًا: منها أن يكون مستوطنًا، فإن كان مسافرًا فلا تجب عليه صلاة الجمعة.
ومنها: أن يكون الذين تجب عليهم الجمعة مستوطنين في قرية أو مدينة، أما أصحاب المخيمات الذي يخيمون في وقت من الأوقات فلا تجب عليهم صلاة الجمعة، ولا تصح منهم الجمعة، وإذا كان لهم مخيمات فهم مسافرون كمخيمات الحجاج في منى، وهذا لا يعتبر استيطانًا، فلابد أن يكونوا مستوطنين يعني: ناوين الاستقرار والاستدامة، سواء كانت بيوتهم من طين أو من أسمنت أو من حجر أو من غيرها أو من خشب، أما المخيمات المؤقتة فلا تجب عليهم الجمعة؛ لأنهم ليسوا مستوطنين.
ومن ذلك ما يفعله الحجاج في منى، فلا يصلون الجمعة؛ لأنهم مسافرون، فيغلط بعض الناس عندما يقيم جمعة بالناس، فبعض الناس يذهب إلى بعض المخيمات فيقيم فيهم الجمعة، وهم مخيمون في الحج، وهذا غلط، الجمعة إنما تقام في الجوامع في البلدان.
قوله: كل من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة إذا كان مستوطنًا ببناء بينه وبينها فرسخ فما دون ذلك.
يعني: إن كان مستوطنًا ببناء، أما أصحاب المخيمات فلا، حتى ولو كان مقيمًا في المخيمات؛ لأنهم في خيام مؤقتة، إلا إذا كان هذا بلدهم وليس عندهم إلا ذلك، وكانوا كلهم مستوطنين فلا بأس، أما إذا كانوا في مخيمات، ولم ينووا الاستيطان، فهؤلاء لا يقيمون الجمعة، ولابد أن يكون مستوطنين ببناء بينه وبين المسجد مسافة فرسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل تقريبًا: خمسة كيلو أو أربعة كيلو ونصف، فإذا كانت المسافة أكثر فإنه يكون معذورًا فتسقط عنه الجمعة؛ لأنه يستطيع أن يمشي ثلاثة كيلو أو أربعة كيلو أسبوعيًا فيصلي مع الناس الجمعة؛ ولأن هذا هو الذي يسمع النداء، فالغالب إذا لم تكن هناك أصوات فإنه يسمع نداء المؤذن من غير مكبر.
المقصود: أن هذا الذي بينه بين الجامع مسافة فرسخ يصلي الجمعة، أما من كان بعيدًا فلا تجب عليه، وكذلك إذا كان مسافرًا غير مستوطن فلا تجب عليه الجمعة، وإذا صلى الجمعة وهو ليس من أهلها فإنه يعيد الصلاة ظهرًا، والمسافر إذا كان مقيمًا له أكثر من أربعة أيام صار حكمه حكم المقيم فيصلي مع الناس، فإذا سمع النداء يصلي الجمعة والجماعة ولا يصلي وحده.
وتوجد في بعض المناطق محطات نفط فيها جوامع تقام فيها الجمعة فإذا كان فيها أناس مقيمون فلا بأس بذلك، ومن يأتي يكون تبعًا لهم، لكن الأصل هم المقيمون، ولو كان عددهم قليلًا.

13 / 3