Explanation of the Forty Hadiths of Al-Nawawi - Al-Abbad
شرح الأربعين النووية - العباد
Genre-genre
تعلق النية بالإخلاص لله تعالى
السؤال
في شرح حديث: (إنما الأعمال بالنيات) ذكرتم أنّ النية تكون لتمييز الفرائض في العبادات بعضها عن بعض، والعبادات عن العادات، فلو ذكرتم لنا ما تتعلق به النية من الإخلاص لوجه الله ﵎ في الأعمال.
الجواب
هذا معنى آخر يتعلق بالتوحيد وإخلاص العبادة لله ﷿، وهو أحد الركنين اللذين يقوم عليهما دين الإسلام، وهما: إخلاص العمل لله، واتباع سنة الرسول ﷺ.
وكل عمل من الأعمال لا بد من أن يكون خالصًا لله، وأن يكون مطابقًا لسنة رسول الله ﷺ، ومعنى كونه خالصًا لله أن لا يشرك فيه مع الله غيره.
لكن الذي يذكر في كتب الفقه وفي كتب الحديث هو ما يتعلق بهذين الأمرين: تمييز العبادات بعضها عن بعض، كتمييز: صلاة الظهر عن صلاة العصر، وكذلك الصوم في كونه فرضًا، أو نذرًا، أو كفارة، ونحو ذلك من العبارات الواجبة، وكذلك تمييز العبادة في كونها فرضًا أو نافلة، فهذا كله تمييز للعبادات بعضها عن بعض، سواءٌ كانت العبادات كلها فروضًا، أم كان بعضها فرضًا وبعضها نفلًا.
والأمر الثاني: تمييز العبادات عن العادات، كالاغتسال من الجنابة، والاغتسال للتبرد والتنظف، فإن الاغتسال من الجنابة شيء واجب ولازم وفرض وعبادة، والاغتسال للتنظف والتبرد عادة.
فلو أن إنسانًا اغتسل للتبرد وعليه جنابة ولم يكن مستحضرًا رفع الجنابة ولم ينو عند الاغتسال رفع الحدث فإن الحدث يبقى ولو حصلت له النظافة، ولو حصل له التبرد؛ لأن النية لا بد منها في العمل؛ لقوله ﷺ: (إنما الأعمال بالنيات)، وهذا الاغتسال لم يُرد به رفع الحدث، فلا يرتفع الحدث، بل هو باق، ولا يرتفع إلا إذا اغتسل الإنسان بعد ذلك ناويًا رفع الحدث لتمييز العبادات عن العادات.
ويمكن أن يجمع بين العبادات، ويمكن أن تفرد كل عبادة على حدة، فمثل الجنابة والجمعة يكفيهما غسل واحد ينوي به هذا وهذا، ولهذا قال الإمام أبو داود ﵀ بعد ذكره حديثًا من أحاديث الجمعة في كتابه (السنن) قال: ولو أن إنسانًا أصبح وعليه جنابة واغتسل بعد طلوع الفجر ناويًا غسل الجنابة وناويًا غسل الجمعة فإنه يجزئه عن الجمعة، مع كونه اغتسل للجنابة.
2 / 16