Explanation of the Forty Hadiths of Al-Nawawi - Al-Abbad
شرح الأربعين النووية - العباد
Genre-genre
شرح حديث: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه)
الحديث الرابع من أحاديث الأربعين النووية -حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه- الذي يقول فيه الإمام النووي: عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: حدثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فيؤمر بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد، فوالله الذي لا إله إلا هو إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) رواه البخاري ومسلم.
هذا الحديث بدأه عبد الله بن مسعود ﵁ عند إخباره بتحديث النبي ﷺ أصحابه بقوله: (وهو الصادق المصدوق).
أولًا: قال: حدثنا رسول الله ﷺ، وهذا فيه بيان أصل تسمية السنة حديثًا، أي: أنه يقال لها: حديث؛ لأنها حديث الرسول ﷺ لأصحابه، وهنا قال: حدثنا رسول الله ﷺ، فإذًا: سنة رسول الله ﷺ هي حديثه الذي يحدث به أصحابه؛ ولهذا يقولون: إن حديث الرسول ﷺ وسنته معناهما واحد، فإذا قال الفقهاء أو شراح الحديث: وهذه المسألة ثابتة بالسنة والإجماع، فإن المراد بالسنة ما يرادف الحديث، فإذًا: قول عبد الله بن مسعود ﵁: (حدثنا رسول الله ﷺ هذا هو بيان الأساس الذي بني عليه تسمية السنة حديثًا، وأن النبي ﷺ كان يحدث أصحابه، وهنا يخبر أنه حدثهم، فقال: حدثنا رسول الله ﷺ.
ثم قوله: (وهو الصادق المصدوق) هذا الكلام قاله ثناءً على رسول الله ﷺ، وليس معنى ذلك أن المقام مقام احتمال أن يكون هناك شك، وأن من الناس من يشك في هذا الخبر، بل كل ما أخبر به الرسول ﷺ فهو حق وصدق، ويجب تصديقه، وهذا هو معنى شهادة أن محمدًا رسول الله ﷺ؛ لأن معناها: تصديقه بكل ما أخبر، وامتثال ما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه، وألا يعبد الله إلا طبقًا لما جاء به ﷺ، فإنما قال ذلك تعظيمًا وثناءً على الرسول ﷺ، وبيان أن هذا من جملة أمور الغيب التي لا تعرف إلا عن طريق الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه وبركاته عليه؛ لأن هذا الذي أخبر به أمور غيبية لا تعرف إلا عن طريق الوحي، وقوله: (الصادق) يعني: الصادق في قوله، فهو صادق فيما يقول ﵊، المصدوق فيما يخبر به مما جاء به من الوحي، فهو صادق في قوله، وتصديقه متعين بكل ما أخبر به من خبر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
11 / 2