34

Explanation of the Creed Poem

شرح منظومة الإيمان

Genre-genre

فنحتاج إذن إلى تقديرِ خبرِها لأنه غيرُ مذكور في هذه الكلمة. وقد قدره البعض: "موجود" أو "كائن" وهو خطأ محض، لأن الكتاب والسنة ومشاهدة الواقع تمنع أن ينصَبَّ النفيُ على وجود المعبودات غير الله ﷾. فهذه المعبودات موجودة، كما قال تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا﴾، وغيرها من الآيات. وإنما النفي في كلمة الإخلاص مُنصبٌّ على استحقاق المعبودات غير الله تعالى أن تقصد بالعبادة. فوجب تقدير الخبر: "حق". ويكون معنى كلمة "لا إله إلا الله" هو "لا معبودَ حقٌّ إلا الله"، أي: أن الله هو المعبود الحق وأن ما سواه من المعبودات باطل. الوجه الثالث: دلالة النفي والإثبات: اتفق البلاغيون على أن "النفي والاستثناء" في مثلِ "لا عالمَ إلا زيد" أو "ما قام إلا عمرو" يفيد معنى الحصر (١)، أي: حصر العلم في زيد في المثال الأول، وحصر القيام في عمرو في المثال الثاني. وهذه الصيغة تدل – عند جماهير الأصوليين – بالمنطوق على نفي العلم عن غير زيد والقيام عن غير عمرو، وبالمفهوم على إثبات العلم لزيد والقيام لعمرو. وفي هذا نقاش عند الأصوليين (٢) . فيكون معنى كلمة "لا إله إلا الله" هو حصر استحقاق العبادة في الله ﷿. فلا يكون المرء مُوحِّدا إلا عندما يفرد الله جل ثناؤه بالعبادة حبا وتذللا وتعظيما. والكلام في هذا الموضوع طويل الذيل وعظيم النفع، فلينظر في مظانه من كتب التوحيد (٣) . والله أعلم.

(١) - انظر مثلا شرح عقود الجمان للسيوطي: ٤٤ وشروح التلخيص: ٢/١٩١. (٢) - انظر حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع: ١/٢٥٣. (٣) - انظر شروح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومجلد "توحيد الألوهية" من مجموع الفتاوى، ورسالة في العبادة للشيخ أبابطين ضمن مجموعة التوحيد، وغير ذلك.

1 / 38