91

Explanation of the Creed of the Salaf by Al-Sabuni - Nasser Al-Aql

شرح عقيدة السلف للصابوني - ناصر العقل

Genre-genre

حكم تارك الصلاة الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف رحمه الله تعالى: [واختلف أهل الحديث في ترك المسلم صلاة الفرض متعمدًا، فكفّره بذلك أحمد بن حنبل وجماعة من علماء السلف ﵏، وأخرجوه به من الإسلام؛ للخبر الصحيح: (بين العبد والشرك ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر). وذهب الشافعي وأصحابه وجماعة من علماء السلف رحمة الله عليهم أجمعين إلى أنه لا يكفر ما دام معتقدًا لوجوبها، وإنما يستوجب القتل كما يستوجبه المرتد عن الإسلام، وتأولوا الخبر: من ترك الصلاة جاحدًا، كما أخبر سبحانه عن يوسف ﵇ أنه قال: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ [يوسف:٣٧]، ولم يك تلبس بكفر فارقه، ولكن تركه جاحدًا له]. مسألة كفر تارك الصلاة على أنواع: النوع الأول: من ترك الصلاة كسلًا وتهاونًا، فهذا فيه نزاع وخلاف بين أهل العلم، فبعضهم قال بأنه يكفر؛ بناءً على ظاهر الحديث، ولأن الصحابة ﵃ شددوا على أمر الصلاة، حتى قالوا: ليس شيء من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، أو أنهم ما كانوا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، وهذا نقل لقول جميعهم في الجملة، وبعضهم قال: إن من تركها كسلًا يكون كفره كفر معصية، وإن استوجب القتل عند بعضهم فإنما استوجبه تعزيرًا، وبعضهم استثنى من تارك الصلاة كسلًا من داوم على تركها حتى وإن كان كسلًا، وقالوا: من داوم على تركها كسلًا دائمًا فإنه يكفر كفرًا مخرجًا من الملة، حتى وإن لم يجحد وجوبها. فعند السلف قول قوي في أن من استمر وداوم على الإعراض عن الصلاة فإنه يكفر كفرًا مخرجًا من الملة، أما من تركها كسلًا، بمعنى: أنه يصلي أحيانًا ويترك أحيانًا، فهذا هو الذي فيه الخلاف، وأما من تركها عمدًا فإن كان عن جحد لوجوبها فهذا كافر باتفاق الأئمة قديمًا وحديثًا، من تركها عمدًا جاحدًا لوجوبها فلا شك أنه يخرج من الملة؛ لأنه جحد معلومًا من الدين بالضرورة، وجحد ركنًا من أركان الإسلام، وحكمه حكم المعرض عن الدين بالكلية، أما من تركها عمدًا مع الإقرار بوجوبها فالقول الراجح أنه أيضًا يكفر كفرًا مخرجًا من الملة؛ لأنه تعمد، بمعنى: أنه داوم على تركها عمدًا، ويدخل فيمن تركها كسلًا على وجه الدوام؛ لأن المداومة على الترك لا تسمى كسلًا في الحقيقة، وإن كان ظاهرها الكسل، لكن المداومة على الترك تشبه العمد أو هو نوع من العمد. فعلى هذا يتداخل القول الأول هذا مع القول الثاني فيمن تركها عمدًا غير جاحد لوجوبها، بمعنى أنه فرّط عن عمد ولم يكن مجرد تثاقل أو مجرد كسل أو تفريط أو نحو ذلك، إنما تعمد تركها مع تهيؤ الفرص له، ومع الاستعداد لوجود الأسباب الموجبة لإقامة الصلاة وغير ذلك. فعلى هذا يكون الراجح من هذه الأقوال: أن من ترك الصلاة كسلًا باستمرار فهو نوع من العمد، بمعنى: أن من داوم على تركها لا يؤديها فالظاهر -وهو رأي جمهور السلف والذي تقتضيه النصوص- أنه يعتبر كافرًا كفرًا مخرجًا من الملة، أما من تركها كسلًا -بمعنى: أنه أحيانًا يفعل وأحيانًا يترك- فهذا هو محل الخلاف، ومع ذلك كثير من أئمة الدين يرجّحون أنه يكفر كفرًا مخرجًا من الملة، لكن يبقى الكلام محل نزاع، وليس هو الإجماع عند السلف ولا حتى قول الأكثر. أما العمد والاستمرار على تركها عمدًا والجحد أيضًا فلا شك أنه باتفاق يكون مخرجًا من الملة. وفي حال ترك الصلاة سنة أو سنتين أو أشهر طويلة يكون ارتد، وكونه صلى مرة أخرى هذا محل خلاف، هل مجرد إقامة الصلاة تعتبر دخولًا في الإسلام أو لابد أن ينطق بالشهادتين إلى آخره؟ هذا راجع إلى معنى كلام أهل العلم في تجديد الإسلام، وإلا فمن داوم على تركها فلابد أن يجدد إسلامه من جديد، بمعنى: أنه مرتد، لكن هل بعودته إلى الصلاة يعتبر رجع إلى الإسلام؟ هذه المسألة محل خلاف والله أعلم. فالمهم أن المداومة هي الاستمرار على ترك الصلاة وقتًا طويلًا، أما من يصلي مثلًا غالبًا ويترك أحيانًا كسلًا، فهذا محل خلاف، والخلاف فيه قوي، وكثير من المحققين من أهل العلم قديمًا وحديثًا من الصحابة والتابعين وأئمة السلف إلى يومنا هذا من أئمة الدين نجد أن كثيرًا منهم يرجّحون أن من تركها ولو تهاونًا وكسلًا يعتبر مرتدًا خارجًا من الملة إذا كانت هذه ظاهرة عنده، بمعنى: أنه يترك أحيانًا ويصلي أحيانًا، فهذا متلاعب بالصلاة. والمتهاون القول الراجح أنه مرتد. وأما ترك الصلاة في المسجد دائمًا فهو كبيرة من كبائر الذنوب، يعني: إذا كان يصلي منفردًا في بيته ويترك الصلاة في الجماعة فهذا مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، ولا يعد خارجًا من الملة، وليس بكافر، لكنه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، وأما صلاة الجماعة بأهله فليست هي الجماعة المقصودة، وإنما المقصودة هي جماعة المسجد. والمؤلف أحيانًا يرجّح، أما هنا فساق الأقوال وتركها؛ لأن المسأل

15 / 2