191

Explanation of the Creed of the Predecessors and the People of Hadeeth - Al-Rajhi

شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث - الراجحي

Genre-genre

القول في خلافة أبي بكر ﵁
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويشهد أصحاب الحديث بأن خلافة أبي بكر ﵁ بعد وفاة رسول الله ﵌ باختيار الصحابة واتفاقهم عليه، وقولهم قاطبة: رضيه رسول الله ﷺ لديننا فرضيناه لدنيانا].
يعني: أنه استخلفه في إقامة الصلوات المفروضات بالناس أيام مرضه وهي الدين، فرضيناه خليفة للرسول ﷺ علينا في أمور دنيانا.
وقولهم: قدمه رسول الله ﷺ فمن ذا الذي يؤخره، وأرادوا أنه ﷺ قدمك في الصلاة بنا أيام مرضه، فصلينا وراءك بأمره فمن ذا الذي يؤخرك بعد تقديمه إياك، وكان رسول الله ﷺ يتكلم في شأن أبي بكر ﵁ في حال حياته فيما يبين للصحابة أنه أحق الناس بالخلافة بعده، فلذلك اتفقوا عليه واجتمعوا، فانتفعوا بمكانه وارتفعوا وارتفقوا، حتى قال أبو هريرة ﵁: والله الذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف لما عبد الله.
ولما قيل له: مه يا أبا هريرة! قام بحجة صحة قوله، فصدقوه فيه وأقروا به].
أهل الحديث وأهل السنة والجماعة يثبتون خلافة أبي بكر ﵁ بعد وفاة رسول الله ﷺ، وأنه الخليفة الأول خلافًا للرافضة الذين يقولون: الخليفة الأول هو علي ﵁، وأن أبا بكر اغتصب الخلافة منه، وكذلك عمر وعثمان، وهذا قول باطل، والذي عليه أهل السنة والجماعة وأهل الحديث أن أبا بكر هو الخليفة الأول، وثبتت الخلافة لـ أبي بكر باختيار الصحابة وانتخابهم، فهذا هو الأرجح.
وقال بعض العلماء: ثبتت خلافة أبي بكر بالنص واستدلوا بأدلة منها: (أن النبي ﷺ لما جاءته امرأة وقال لها: ائتني في وقت كذا، أي: في وقت لاحق.
فقالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك، تعني الموت.
فقال: إن لم تجديني فأتي أبا بكر).
قالوا: وهذا دليل على أنه الخليفة، وكذلك أيضًا روي في هذا منامات، وكذلك أيضًا تقديم النبي ﷺ له في أيام مرضه في الصلاة، وكذلك قوله: (لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا).
فبعض العلماء قال: إن خلافته ثبتت بالنص، والذين قالوا بالنص على قولين: منهم من قال: ثبتت بالنص الجلي، ومنهم من قال: ثبتت بالنص الخفي.
وقال آخرون: إنما ثبتت بالانتخاب والاختيار، وهذا هو الأرجح، فإنها ثبتت باختيار الصحابة وانتخابهم، واستدلوا بهذه الأدلة على أنه هو الخليفة، واستدلوا بكون النبي ﷺ قدمه للصلاة، فهذا دليل على أنه هو الأحق بالخلافة.
وكذلك أيضًا: لما أراد النبي ﷺ أن يكتب كتابًا واختلفوا عنده، قال: (قوموا، ثم قال: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر).
يعني: يأبى الله تقديرًا وقضاءً، والمسلمون اختيارًا وانتخابًا إلا أبا بكر، والصواب أن الخلافة ثبتت لـ أبي بكر بالاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقد، واستدلوا: بإرشاد النبي ﷺ إلى اختياره.
وبعض أهل العلم قال: إن هذه الأدلة نص في خلافته، والصواب أنها ثبتت بالاختيار والانتخاب، ولهذا قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويثبت أصحاب الحديث خلافة أبي بكر ﵁ بعد وفاة الرسول ﷺ باختيار الصحابة واتفاقهم عليه، وقولهم قاطبة: رضيه رسول الله ﷺ لديننا؛ فرضيناه لدنيانا]، يعني: أنه استخلفه في إقامة الصلوات المفروضات بالناس أيام مرضه وهي الدين، فرضيناه خليفة لرسول الله ﷺ في أمور دنيانا، وقولهم: (قدمك رسول الله ﷺ فمن ذا الذي يؤخرك؟! أرادوا أنه قدمه في الصلاة أيام مرضه، فصلينا وراءه بأمره، فمن ذا الذي يؤخرك بعد تقديمه إياك؟ وكان رسول الله ﷺ يتكلم في شأن أبي بكر في حال حياته، مما يبين للصحابة أنه أحق الناس بالخلافة بعده.
فلذلك اتفقوا عليه واجتمعوا فانتفعوا بمكانه، وارتفعوا به وارتقوا وعزوا وعلوا بسببه، حتى قال أبو هريرة ﵁: والله الذي لا إله إلا هو! لولا أن أبا بكر استخلف لما عبد الله، ولما قيل له: مه يا أبا هريرة؟! ما تقول؟ قام بحجة صحة قوله، فصدقوه فيه وأقروا به.
وذلك أن النبي ﷺ لما توفي ارتدت قبائل العرب؛ فمنهم من عبد الأوثان، ومنهم من أنكر نبوة النبي ﷺ، ومنهم من منع الزكاة، فقاتلهم أبو بكر ﵁، وأشكل هذا على بعض الصحابة ومنهم عمر إذ قال: كيف تقاتل من قال: لا إله إلا الله؟! فقال أبو بكر ﵁: والله! لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، والله! لو منعوني عقالًا -وفي رواية: عناقًا- كانوا يؤدونه إلى النبي ﷺ لقاتلتهم عليه.
فأجمع وعزم على قتالهم؛ حتى شرح الله صدر عمر، وصدر من كان عنده إشكال، فأجمعوا على قتالهم فكان في قتالهم خير عظيم، فرجع الناس إلى دين الله بعد أن خرجوا منه، فلهذا قال أبو هريرة ﵁: لولا أن أبا بكر استخلف لما عبد الله؛ لأن أكثر العرب ارتدوا فقاتلهم الصديق والصحابة حتى رجعوا إلى الإسلام.

12 / 4