شرح كتاب العلم لأبي خيثمة - عبد الكريم الخضير
شرح كتاب العلم لأبي خيثمة - عبد الكريم الخضير
Genre-genre
فيقول ابن عباس ﵄: "وجدت عامة علم رسول الله ﷺ عند هذا الحي من الأنصار" علم الرسول ﵊ هو ما جاءه عن الله -جل وعلا-، وما يقوله مما أوحي إليه من غير القرآن فكلامه وحي؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، لكن إذا نظرنا في حقيقة كلام ابن عباس، وجدنا أن أكثر من يحفظ السنة من غير الأنصار، أبو هريرة مثلًا، عائشة، ابن عمر، ابن عباس، يعني إذا عددنا المكثرين وجدنا أكثرهم من غير الأنصار، فيهم أنس، ويليه في المرتبة الثانية جابر، وأبي سعيد وغيرهم، لكن المكثرين من الرواية جلهم من غير الأنصار.
إذًا كلام ابن عباس يقول: "وجدت عامة علم رسول الله ﷺ عند هذا الحي من الأنصار" يعني على حد ظنه هو، وما تبين له من خلال استقرائه، كما قال أبو هريرة ﵁: "ما كان أحد أكثر مني حديثًا عن رسول الله ﷺ إلا ما كان من عبد الله بن عمرو"، هذا على حسب ظنه، وعلى حسب توقعه، أو يكون قال ذلك قبل الدعوة النبوية التي ما نسي بعدها شيئًا.
على كل حال الأنصار عندهم علم، وعندهم خير عظيم، وآية الإيمان حب الأنصار، وجاء في فضلهم ما جاء من النصوص الصحيحة الصريحة، ولولا الهجرة لتمنى أن يكون من الأنصار، تمنى أن يكون الرسول ﵊ من الأنصار، لكن فضل الأنصار وأيضًا علم الأنصار، والنبي ﵊ أوى إليهم، وآووه ونصروه وآزروه، والمهاجرون أيضًا لهم السبق في هذا الباب.
"وجدت عامة علم رسول الله ﷺ عند هذا الحي من الأنصار، وإن كنت لأقيل عند باب أحدهم" ابن عباس حبر الأمة ترجمان القرآن، ابن عم الرسول ﵊، بإمكانه أن يطرق الباب، ويستقبل استقبالًا يليق به، لكن من أدبه ﵁ وأرضاه- يقيل، لا يريد أن يكدر على من يستفيد منهم، وهذا أدب من ابن عباس يتأدب به طالب العلم.
6 / 14