الحديث العشرون
التطيب قبل الإحرام
وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: «كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ» [مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ] (١).
حديث عائشة ﵂ فيه في قولها: (كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِإحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ) يعني أنها طيبت النبي ﷺ بيديها لإحرامه يعني أن الطيب عند عقد الإحرام سنة؛ لأنها قالت: لإحرامه أي: لأجل إحرامه قبل أن يحرم يعني قبل أن يدخل في النسك.
(وَلحِلِّهِ): أي بعد إحرامه.
(قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ) أي: بعد أن رمى ثم ذبح ثم حلق طيبته، ويأتي الخلاف متى يحصل التحلل الأول في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
في الحديث سنية التطيب عند الإحرام، فهل يكون الطيب في البدن والثياب؟
قال بعض أهل العلم: نعم. والإجابة عن حديث «.. وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الوَرْسُ» الذي ذكره المؤلف سابقًا كان في الابتداء، فالمحرم ممنوع من ابتداء الثياب الملبوسة المطيبة، أما استدامة الثوب المطيب فإنه لا بأس، وعندنا قاعدة أن أحكام الاستدامة أقوى من أحكام الابتداء، فقد يجوز استدامة الشيء ولكن لا يجوز ابتداؤه.
فالمحرم له أن يراجع زوجته إذا طلقها؛ لأن المراجعة من قبيل الاستدامة وليس من باب الابتداء؛ لأنها فرع عن النكاح كما قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾: فهو بعل لا يزال بعلًا في مدة العدة، وأما النكاح ابتداءً فإنه ممنوع كما سيأتي في الحديث الذي يليه.
(١) أخرجه البخاري (١٥٣٩)، ومسلم (١١٨٩) (٣٣).