شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
Genre-genre
تقرير الأسماء والصفات لله جل وعلا
قال المصنف ﵀: [ما زال بصفاته قديمًا قبل خلقه].
هذه الجملة من الجمل التي فيها تخصيص وتمييز للمذهب الذي يتقلده الطحاوي ﵀، فهي ليست مجملة كالجمل السالفة، ومع كونها مفصلةً من جهة إلا أنها مجملة من جهة أخرى، أما كونها مفصلة مميزة فلأنها أخرجت قول الجهمية والمعتزلة وأبطلته، لأن الجهمية والمعتزلة يقولون: إن الله تعالى حدث له الفعل بعد أن لم يكن، ولا يثبتون صفةً قائمةً بذاته ﷾.
ولكنها مجملة من وجه آخر، لأنها لم تميز قول السلف عن قول الأشاعرة، ولا سيما المحققين منهم المقاربين لطريقة الأئمة.
ومن جهة تقرير مسألة الصفات على جهة الإجمال نقول: إن الله ﷾ بعث رسوله ﷺ وأنزل عليه القرآن الذي فيه ذكر أسمائه ﷾ وصفاته، وعلى هذا اتفق الأنبياء والرسل وأتباعهم؛ ولهذا فإن مذهب أهل السنة والجماعة كما هو مقرر ومعلوم أن الله ﷾ موصوف بما وصف وسمى به نفسه، وبما سماه ووصفه به رسوله ﵌، من غير تحريف ولا تعطيل، لا في الأحرف ولا المعاني، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل أهل السنة والجماعة وسط بين المعطلة من الجهمية والمعتزلة ومتكلمة الصفاتية الذين شاركوا في التعطيل، وبين المشبهة والمجسمة، فهم وسط في هذا الباب كما هم وسط في سائر أبواب أصول الدين بين طوائف المسلمين.
وأول مخالفة ظهرت في باب الأسماء والصفات -وهو من أخص أصول الإيمان والربوبية- لما أظهر الجعد بن درهم مقالة التعطيل، فزعم أن الله لا يوصف بصفة ولا يسمى باسم، وتابعه على ذلك الجهم بن صفوان، وصارت هذه المقالة تسمى عند السلف مقالة الجهمية نسبة إلى الجهم بن صفوان؛ لأنه هو الذي أشاعها وأذاعها ونشرها، ثم تقلدتها المعتزلة كـ أبي الهذيل العلاف ومن بعده، فصاروا يقررون هذا المذهب.
3 / 2