شرح تفسير ابن كثير - الراجحي

Abdul Aziz bin Abdullah Al Rajhi d. Unknown
113

شرح تفسير ابن كثير - الراجحي

شرح تفسير ابن كثير - الراجحي

Genre-genre

بيان معنى الصلاة واشتقاقها قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأصل الصلاة في كلام العرب: الدعاء. قال الأعشى: لها حارس لا يبرح الدهر بيتها وإن ذبحت صلى عليها وزمزما]. قوله: [صلى عليها] يعني: دعا لها، فالصلاة: الدعاء. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال أيضًا: وقابلها الريح في دنها وصلى على دنها وارتسم]. الدّن: كأس الخمر، أو إناء الخمر. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أنشدهما ابن جرير مستشهدًا على ذلك. وقال الآخر -وهو الأعشى - أيضًا: تقول بنتي وقد قربت مرتحلًا يارب جنب أبي الأوصاب والوجعا عليك مثل الذي صليت فاغتمضي نومًا فإن لجنب المرء مضطجعا]. قوله: [مثل الذي صليت]: يعني دعيت، والشاهد أن الصلاة معاها الدعاء، والأوصاب: الأمراض والأوجاع. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يقول: عليك من الدعاء مثل الذي دعيته لي، وهذا ظاهر، ثم استعملت الصلاة في الشرع في ذات الركوع والسجود والأفعال المخصوصة في الأوقات المخصوصة بشروطها المعروفة وصفاتها وأنواعها المشهورة]. فالصلاة هي أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، لها أوقات خاصة وهيئات خاصة، وأركان خاصة. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال ابن جرير: وأرى أن الصلاة سميت صلاة لأن المصلي يتعرض لاستنجاح طلبته من ثواب الله بعمله مع ما يسأل ربه من حاجته]. قوله: [الاستنجاح طلبته] أي: لطلب نجاح الحاجة، فالاستجاح: استفعال من النجاح. أي أن الصلاة مشتملة على دعاء العبادة ودعاء المسألة. فدعاء العبادة: الركوع والسجود، والقيام والقعود، والتشهد والقراءة. ودعاء المسألة: كأن يقول المصلي: رب اغفر لي، والدعاء في آخر التشهد دعاء مسألة، فهو مشتمل على دعاء العبادة ودعاء المسألة. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقيل: هي مشتقة من الصلوين إذا تحركا في الصلاة عند الركوع والسجود، وهما: عرقان يمتدان من الظهر حتى يكتنفان عجب الذنب، ومنه سمي المصلي، وهو التالي للسابق في حلبة الخيل، وفيه نظر. وقيل: هي مشتقة من الصلي وهو ملازمة للشيء من قوله تعالى: «لا يَصْلاهَا» أي: لا يلزمها ويدوم فيها، ﴿إِلَّا الأَشْقَى﴾ [الليل:١٥]، وقيل: هي مشتقة من تصلية الخشبة في النار لتقوم، كما أن المصلي يقوم عوجه بالصلاة، ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت:٤٥]، واشتقاقها من الدعاء أصح وأشهر. والله أعلم]. الصواب أن الصلاة مأخوذة من الدعاء، وهذا هو الأقرب؛ لأن المصلي يدعو دعاء بلسان الحال وبلسان المقال، فدعاؤه بلسان الحال: ركوعه وسجوده، وقيامه وقعوده وتشهده، وبلسان المقال كدعائه بين السجدتين: رب اغفر لي، وفي آخر التشهد. وأما الزكاة فسيأتي الكلام عليها في موضعه إن شاء الله تعالى.

15 / 7