شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير
شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير
Genre-genre
السنة خدمة منذ أن صدرت من قائلها، وفاعلها، ومقررها ﵊ خدمها الصحابة فحفظوها وضبطوها وأتقنوها، ثم بعد ذلك قاموا بواجب تبليغها لمن بعدهم، جاء النهي عن كتابتها في أول الأمر «لا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن، ومن كتب شيئًا عن القرآن فليمحه» في الصحيح من حديث أبي سعيد، وجاء الإذن بكتابتها كما قال النبي ﵊ في الحديث المتفق عليه «اكتبوا لأبي شاه» وقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما كان أحدٌ أكثر مني حديثًا عن رسول الله ﷺ إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" وهذا على حد ظنه -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، وإلا فعبد الله بن عمرو لا يقارب أبا هريرة ولا يدانيه في كثرة المرويات، فأبو هريرة ﵁ حافظ الصحابة، بل حافظ الأمة على الإطلاق، حفظ من السنة ما لم يحفظه غيره، أو كانت مقالته هذه قبل أن يبسط رداءه فيدعو له النبي ﵊ بالحفظ وعدم النسيان، ثم بعد ذلك أتفق الأئمة وهذا من خلال الواقع على جواز الكتابة، وارتفع الخلاف المبني على حديث أبي سعيد، فكتبت السنة ودونت السنن، وأفاد الناس من ذلك خير عظيمًا، ويعلل أهل العلم النهي عن الكتابة في أول الأمر لئلا تختلط بالقرآن، فلما أمن ذلك رخص في الكتابة، وبعضهم يقول: لئلا يعتمد الناس على الكتابة وينسون الحفظ؛ لأن الحفظ هو الأصل، والحفظ أمر لا بد منه لطالب العلم الشرعي، ولا يمكن أن يدرك طالب العلم الشرعي ما أراد إلا بالحفظ مع الفهم، فإذا توافر له الأمران الحفظ والفهم ووفق لسلوك الجادة من أول الأمر فقد تيسر له تحصيل العلم إذا أخلص فيه لله -جل وعلا-.
1 / 2