اللباب «شرح فصول الآداب»
اللباب «شرح فصول الآداب»
Penerbit
دار التدمرية
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Lokasi Penerbit
الرياض - المملكة العربية السعودية
Genre-genre
وقصة الإناء اليسير الذي أخذه أبو هريرة ﵁ ودار به على أهل الصفة، وأقل ما قيل أنهم سبعين رجلًا، فدار على هؤلاء كلهم ويبقى فضله، ويشربه النبي ﷺ وأبو هريرة ﵁. (١)
(١) أخرجه البخاري (رقم: ٦٠٨٧) ولفظه: عن مجاهد: أن أبا هريرة ﵁ كان يقول: آلله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يومًا على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم ﷺ فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: «يا أبا هر». قلت لبيك يا رسول الله، قال: «الحق». ومضى، فاتبعته، فدخل فأستأذن، فأذن لي، فدخل، فوجد لبنًا في قدح، فقال: «من أين هذا اللبن». قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: «أبا هر». قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي». قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم، ولم يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم، وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة، كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله، وطاعة رسوله ﷺ بد، فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا، فاستأذنوا، فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: «يا أبا هر». قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «خذ فأعطهم» .. قال: فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت =
= إلى النبي ﷺ، وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم، فقال: «أبا هر». قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «بقيت أنا وأنت». قلت: صدقت يا رسول الله، قال: «اقعد فاشرب». فقعدت فشربت، فقال: «اشرب». فشربت، فما زال يقول: «اشرب». حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكًا، قال: «فأرني». فأعطيته القدح فحمد الله، وسمى، وشرب الفضلة.
1 / 133