Explanation of al-Tahawi's Creed by Saleh Al-Sheikh

Saleh Al-Sheikh d. Unknown
60

Explanation of al-Tahawi's Creed by Saleh Al-Sheikh

شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل

Genre-genre

[المسألة الأولى]: أنّ الناس اختلفوا في اتصاف الله ﷿ بصفاته هل هو مُتَّصِفٌ بها بعد ظهور آثارها، وأسماء الرب ﷿ سُمِّيَ بها بعد ظهور آثارها أم قبل ذلك على مذاهب: ١ - المذهب الأول: هو مذهب المعتزلة والجهمية ومن نحا نحوهم مِنْ أنَّه ﷿ لم يَصِرْ له صفات ولا أسماء إلا بعد أن ظهرت آثارُها، فلما خَلَقَ صارت له صفة الخلق، وصار من أسمائه الخالق. وذلك على أصل عندهم، وهو أَنَّ أسماء الله ﷿ مخلوقة، فلما خَلَقَ سَمَّاهُ الناس الخالق، وخَلَقَ له اسم الخالق. فعندهم أَنَّ الزمان لما ابتدأ فيه الخلق أو الرَّزق أو الإنشاء صار بعده له اسم الخالق، وقبل ذلك لم يكن له هذا الاسم ولم تكن له هذه الصفات. فقبل أن يكون ثَمَّ سَامِعْ لكلامه فليس هو سبحانه مُتَكَلَّمًَا، فلما خَلَقَ سامِعًا لكلامه، خَلَقَ كلاما - عند المعتزلة والجهمية - فأسمعهم إياه، فصار له اسم المتكلم أو صفة الكلام، لمَّا خلق مَنْ يسمع كلامه. كذلك صفة الرحمة على تأويلهم الذي يؤولونه أو أنواع النِّعَم، والمنعم والمحيي والمميت كل هذه لا تطلق على الله عندهم إلا بعد أن وُجد الفعل منه على الأصل الذي ذكرته لكم عنهم أنَّ الأسماء عندهم والصفات مخلوقة. ٢ - المذهب الثاني: هو مذهب الأشاعرة والماتريدية ومذهب طوائف من أهل الكلام في أنّ الرب ﷿ كان مُتَّصِفًَا بالصفات وله الأسماء، ولكن لم تَظْهَرْ آثار صفاته ولا آثار أسمائه بل كان زمنًا طويلا طَويلا مُعَطَّلًا عن الأفعال ﷿. له صفة الخلق وليس ثَمَّ ما يخلقه، له صفة الفعل ولم يفعل شيئًا، له صفة الإرادة وأراد أشياء كونية مؤجلة غير مُنجزة وهكذا. فمن أسمائه عند هؤلاء الخالق، ولكنه لم يخلق، ومن أسمائه عندهم أو من صفاته الكلام ولم يتكلم، ومن صفاته الرحمة بمعنى إرادة الإنعام وليس ثَمَّ مُنْعَمٌ عليه، ومن أسمائه المحيي وليس ثَمَّ من أحيا، ومن أسمائه الباري وليس ثَمَّ بَرْأْ، وهكذا حتى أَنْشَأَ الله ﷿ وخَلَقَ ﷿ هذا الخلق المنظور الذي تراه من الأرض والسموات وما قصَّ الله علينا في كتابه، ثُمَّ بعد ذلك ظهرت آثار أسمائه وصفاته. فعندهم أنَّ الأسماء والصفات متعلقة بهذا العالَمْ المنظور أو المعلوم دون غيره من العوالم التي سبقته. وقالوا هذا فِرارًا من قول الفلاسفة الذين زعموا أنَّ هذا العالم قديم، أو أَنَّ المخلوقات قديمة متناهية أو دائمة من جهة الأولية؛ من جهة القدم، مع الرب ﷿. ٣ - المذهب الثالث: هو مذهب أهل الحديث والأثر وأهل السنة؛ أعني عامة أهل السنة وهو أنّ الرب ﷿ أَوَّلٌ بصفاته، وصفاته ﷾ قديمة، يعني هو أوَّلٌ ﷾ بصفاته. وأنه سبحانه كان من جهة الأولية بصفاتهِ -كما عبر الماتن هنا بقوله (كانَ بصفاته) . وأنّ صفات الرب ﷿ لابد أن تظهر آثارها؛ لأنه سبحانه فَعَّالٌ لما يريد. والرب ﷿ له صفات الكمال المطلق، ومن أنواع الكمال المطلق أنْ يكون ما أراد ﷾. فما أراده كونًا لابد أن يكون. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ومن مذهب أهل السنة والحديث والأثر أنّه سبحانه يجوز أن يكون خَلَقَ أنواعًا من المخلوقات وأنواعًا من العوالم غير هذا العالم الذي نراه. فجنس مخلوقات الله ﷿ أعمّ من أن تكون هذه المخلوقات الموجودة الآن، فلا بد أن يكون ثَمَّ مخلوقات أوجدها الله ﷿ وأفناها ظَهَرَت فيها آثار أسمائه وصفاته ﷿. فإنَّ أسماء الرب ﷿ وإنّ صفات الرب ﷿ لابد أن يكون لها أثرُها؛ لأنه سبحانه فعّال لما يريد. فما أراده سبحانه فَعَلَهُ، وَوَصَفَ نفسه بهذه الصفة على صيغة المبالغة الدالة على الكمال بقوله ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ (١)، فما أراده سبحانه كان. وهذا متسلسل -كما سيأتي بيانه- في الزمن الأول، يعني في الأولية وفي الآخرية فهو سبحانه (وكما كانَ بصفاته أزَليًّا، كذلك لا يزالُ عَلَيْها أبديًّا) . وهذا منهم -يعني من أهل الحديث والأثر والسنة- هذا القول منهم لأجل إثبات الكمال للرب ﷿. وقول المعتزلة والجهمية فيه تعطيل للرب عن أسمائه وصفاته. يعني أنَّ الله ﷿ كان بلا صفات وبلا أسماء، وأنَّه لمَّا فَعَلَ وُجِدَت صفات الرب ﷿، وهذا نسبة النقص لله ﷿ لأنّ الصفات هي عنوان الكمال، والله ﷾ كمالاته بصفاته. أمّا قول الأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم، فهذا أيضًا فيه وصف الرب ﷿ بالنقص؛ لَأَنَّ أولئك يزعمون أنه متصف ولا أثر للصفة. ومعلوم أَنَّ هذا العلم المنظور الذي تعلقت به عندهم الأسماء والصفات، هذا العالم إنما وُجِدَ قريبًا.

(١) هود:١٠٧، البروج:١٦.

1 / 60