فمع كونه سبحانه مستويًا على عرشه بائنًا من خلقه، فإنَّ علمه محيط بخلقه، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، الغيب عنده شهادة، والسر عنده علانية.
وقال الشافعي: خلافة أبي بكر حق قضاها الله في سمائه، وجمع عليها قلوب أصحاب نبيه"ﷺ"والشاهد من هذا الأثر هو قول الشافعي:"في سمائه"وهذا فيه التصريح بأن الله ﷿ في السماء.
"وقال عبد الله بن المبارك: نعرف ربنا فوق سبع سماوات بائنًا من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية: إنه هاهنا، وأشار إلى الأرض"هذا هو الذي يعتقده أهل السنة، ويعتقده المسلمون المتمسكون بكتاب ربهم وسنة نبيه ﷺ، ممن لم تخالط قلوبهم الأهواء، ولم تتلقفهم الشبهات، يعرفون ربهم بأنَّه فوق سبع سماواته بائن من خلقه.
ومعنى "بائن": أي: ليس في خلقه شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، ومن لا يثبت البينونية أو المباينة لم يثبت علو الله، ولم يؤمن بعلوه سبحانه.
وفي قوله:"بائنًا": إبطال لقول أهل الحلول والاتحاد، ووحدة الوجود، وغيرهم من أهل الضلال، فإنَّ الله ﷿ بائن من خلقه.
وهذه الكلمة مشهورة عن السلف، متناقلة عنهم كثيرًا ١؛ إذ هي التي تمحص المحق من المبطل في هذا الباب، فقد وجد من بعض المتكلمين من
١ انظر: مقدمة تحقيق رسالة ابن أبي زيد القيرواني للشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية - فقد جمع نقولات كثيرة من مصادر كثيرة جدًا عن السلف فيها تصريحهم بهذه الكلمة بائن من خلقه.