شرح البيقونية - محمد حسن عبد الغفار
شرح البيقونية - محمد حسن عبد الغفار
Genre-genre
مثال العزيز
مثال العزيز: ما رواه الشيخان من حديث أنس عن رسول الله ﷺ قال: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده) وقد جاء هذا الحديث أيضًا عن أبي هريرة، فيعتبر راويان في طبقة واحدة.
ولو أخذنا سلسلة الإسناد لهذا الحديث من طريق أنس نجد أن أنسًا رواه عنه قتادة وعبد العزيز بن صهيب.
وقتادة هو قتادة بن دعامة السدوسي، ثقة ثبت مدلس، ومن أمتع ما قيل في قتادة: إن أنسًا سئل: صف لنا رسول الله، فقال: أما شعره فكشعر قتادة، فانهال قتادة بالبكاء حتى كاد يقتله انظروا إلى حب هؤلاء القوم لرسول الله ﷺ، وكان كثير من التابعين يقولون لـ ابن مسعود: أكنتم ترون رسول الله ﷺ بأعينكم؟ أكنتم تجلسون بجانب رسول الله؟ والله لو كنا في عصره لحملناه فوق رءوسنا وما مشى على الأرض! وهذا من شدة حبهم لرسول الله ﷺ، كان الواحد منهم يسهل عليه أن يضحي بأهله وماله وكل الدنيا من أجل لحظة واحدة يرى فيها وجه رسول الله ﷺ.
فـ قتادة يروي عن أنس، وأيضًا في نفس طبقة قتادة متابعة تامة من عبد العزيز بن صهيب، فهو أيضًا يروي عن أنس متابعًا لـ قتادة.
إذًا: حديث أنس له طريقان، الطريق الأول: عن قتادة، والطريق الثاني: عن عبد العزيز بن صهيب، ويرويه عن قتادة أيضًا راويان: شعبة بن الحجاج وسعيد بن أبي عروبة.
وشعبة قد كفانا تدليس قتادة.
ونأتي إلى طريق عبد العزيز بن صهيب فيرويه عنه راويان: إسماعيل بن علية وعبد الوارث وكل هؤلاء من رجال الصحيح.
إذا نظرت إلى هذا التخطيط وجدت الطبقة الأولى فيها راويان، والطبقة الثانية فيها راويان، والطبقة الثالثة فيها راويان، إذًا كل الطبقات فيها راويان، فهذا الحديث حديث عزيز؛ لأن كل الطبقات فيها راويان.
إذًا: العزيز هو ما كان في طبقة من طبقات الإسناد راويان ولم يقل عن ذلك في أي طبقة من طبقات الإسناد، وإن وجد في طبقة من الطبقات أكثر من راويين فهو أيضًا عزيز إن كان أقل الطبقات فيها راويان.
8 / 4