Engels: Pengenalan Singkat
إنجلز: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
الفصل الثاني
إنجلز الصحفي
شهدت الحياة المهنية لإنجلز بداية مشرقة؛ ففي سن السابعة عشرة، نشر له بعض الأعمال الشعرية، وفي سن الثامنة عشرة كان صحفيا تتسم مقالاته بالنقد اللاذع؛ الأمر الذي أدى إلى نفاد طبعة كاملة من إحدى صحف مدينة هامبورج التي كان يكتب لها. وكان عمله «رسائل من فوبرتال» الذي نشر في ربيع عام 1839 هجوما مثيرا على النفاق في بلدتي إلبرفيلد وبارمن الممتدتين بمحاذاة وادي نهر فوبر، وتلك هي منطقة راينلاند التي ولد فيها فريدريك إنجلز في الثامن والعشرين من نوفمبر من عام 1820. ونظرا لأن عائلة إنجلز كانت على مدار أجيال عائلة ثرية تمتلك المصانع، فقد استخدم إنجلز الشاب اسما مستعارا، وبالرغم من ذلك، لم تكن هويته المرادفة لاسمه المستعار «أوسفالد» بسر محجوب عن أصدقائه، وبمجرد أن انكشفت تلك الهوية السرية، ظهرت الشخصية الجدية للغاية لإنجلز الذي قال: «كل ما كتبته كان مبنيا على بيانات مثبتة شهدتها بعيني أو سمعتها بأذني» (الأعمال الكاملة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
استخدم إنجلز عينيه وأذنيه استخداما ناجحا وفعالا إلى أبعد الحدود، وكان تصويره الظروف المادية والاجتماعية لذلك المجتمع الصناعي الصغير في واقع الأمر تصويرا دقيقا وحادا للغاية. وقدم تلوث نهر فوبر بفعل المصابغ وكذلك معاقرة السكان المفرطة للشراب؛ صورة من التردي البصري والثقافي لهذا المجتمع وسكانه، وتمثل هذا التردي في إحدى الكنائس الكاثوليكية «التي أعيد بناؤها على نحو سيئ على يد مهندس معماري غير متمرس على الإطلاق، بالرغم من تخطيطها الأصلي بالغ الروعة»، كما أن المتحف المجاور لتلك الكنيسة ذات الأعمدة «مصرية الطراز في الجزء السفلي منها، ودوريسية الطراز في المنتصف، وأيونية الطراز في القمة»، قد أصبح الآن ناديا للقمار بعد بيعه. وكتب إنجلز فقال: «لم يكن ثمة أي أثر للحياة الصحية المفعمة بالحيوية، التي تميز الشعب الألماني، والتي توجد تقريبا في كل مكان في ألمانيا»، وكان سبب ذلك هو المصانع (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
شكل 2-1: متحف منزل عائلة إنجلز في بارمن (فوبرتال حاليا)، ألمانيا، حيث ولد فريدريك إنجلز عام 1820.
تضافرت عوامل شتى مثل عمالة الأطفال، والغرف المكتظة التي تضيق بأهلها، والعمل الشاق، والهزال الشديد، والفقر المدقع، والإفراط في تناول الخمور، ومرض الزهري، وأمراض الجهاز التنفسي، وأبخرة الفحم، وغبار المصانع، وقلة الأكسجين، لتسفر عن المعاناة الشديدة لسكان وادي نهر فوبر. وزعم إنجلز أن العمال كانوا مقسمين إلى صنفين هما: البر والفاجر، وكان لأصحاب المصانع الأثرياء - بحسب وصفه - «ضمير خرب». وكان من بين ملاك المصانع فئة المسيحيين المتشددين الذين «كانوا يعاملون عمالهم أسوأ معاملة على الإطلاق»؛ فكانوا يقتطعون من أجورهم كي يمنعوهم من معاقرة الخمر، لكنهم هم أنفسهم كانوا يقدمون الرشاوى في انتخابات اختيار الوعاظ. لقد كان البروتستانت المنافقون مثار غضب إنجلز؛ فقال إنهم يبدون: «تعصبا شديد البربرية ... ويفتقرون إلى الروح الكاثوليكية إلى حد بعيد.» فكان الويل للواعظ «الذي يرونه مرتديا سترة طويلة ذات لون يميل إلى الزرقة، أو يرتدي صدرية مخالفة للون المقرر من قبلهم.» ورأى إنجلز أن الوعاظ المحليين أناس جهلاء، وأدان أنشطتهم التي اكتنفت كل جانب من جوانب الحياة وأفسدته، ولم تقتصر فقط على النظام التعليمي الذي كان إنجلز قد تركه منذ فترة قريبة للغاية؛ فقد سأل طالب في الصف الرابع أحد هؤلاء المدرسين - بحسب رواية إنجلز - عن جوته، فأجابه قائلا: «إنه ملحد.» وكان الصحفيون والشعراء المحليون ينالون أيضا حظهم من النقد والهجوم، وكان من بينهم رجل يدعى «فولفينج»، قال عنه إنجلز إنه: «رجل ذو عبقرية لا تخطئها عين ... فرأسه تكلله قلنسوة خضراء، وفي فمه وردة، وفي يده زر خلعه للتو من سترته الطويلة؛ إنه هوراس بارمن.» واختتم إنجلز كلامه قائلا إن المنطقة بأكملها واقعة في مستنقع الرجعية وضيق الأفق (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
وفي خطاب مفتوح موجه لأحد منتقدي مقالاته، أوضح إنجلز أنه «في كل رسائله اعترف بوجود كفاءة لكن في حالات فردية»، واستطرد قائلا: «لكنني بوجه عام لم أستطع أن أجد أي جوانب مشرقة تماما» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني). ونظرا لكون «رسائل من فوبرتال» هجوما على النفاق السائد في المنطقة التي كان يعيش فيها، وعلى ظلاميتها وزيفها وذوقها الفاسد، فقد كانت تلك الرسائل نابضة بالواقعية الواضحة على نحو استثنائي، ولقد كان تقديم سرد قائم على شهادة عيانية لأوائل العصر الصناعي هو بالتأكيد أساس وجهة نظر إنجلز، وهذا ما أكسب العمل مزيدا من الإثارة والقدرة على التنبؤ بالمستقبل.
تشكلت معتقدات واهتمامات إنجلز الشاب على يد أسرته والمدارس التي تلقى العلم فيها، وكذلك من خلال مجتمعه، وكلها كيانات أظهر لها العداء الشديد في فترة المراهقة. طالما كان أسلافه رجال صناعة بارزين ومن علية القوم في بارمن وما حولها منذ أيام والد جده، تاجر الخيوط الذي يعتبر مؤسس مصانع تبييض الأقمشة وتصنيع الأشرطة والأربطة في المنطقة، وفي النصف الثاني من القرن الثامن عشر، أصبح وادي نهر فوبر واحدا من أكثر المناطق الصناعية كثافة في ألمانيا. وزاد من وطأة الرجعية القمعية التي كانت تمارسها مدرسة إنجلز ومجتمعه عليه حركة تسمى التقوية، وهي حركة بروتستانتية بيوريتانية ازدهرت في أعقاب الثورة الفرنسية، لكن لم تتمكن المسيحية الأصولية من مقاومة العقلانية المتحفظة لدى بعض أساتذة مدرسة إنجلز الثانوية، وعندما ترك إنجلز المدرسة (قبل أن يتم عامه السابع عشر بقليل)، كانت آراؤه النقدية قد بدأت في التشكل. وبعد ذلك، وبعد أن بلغ إنجلز عامه الثامن عشر، انتقل لبريمن لاكتساب الخبرة في التجارة الخاصة بالتصدير، وخلال السنة التي قضاها في العمل في تجارة والده، قرأ إنجلز بتمعن واضح بعض الأعمال العقلانية، مثل كتاب «حياة يسوع» المنشور عام 1835 للكاتب ديفيد فريدريش شتراوس، ذلك الكتاب الذي أخضع الأناجيل لفحص تاريخي دقيق. وأثناء العمل في المدينة الحرة، احتسى الخمر أيضا ودخن السجائر وغنى ولعب لعبة المبارزة بالسيف، ومارس السباحة وذهب إلى المسرح والأوبرا، وتداين، ودرس، وفعل غيرها من الأمور التي يفعلها الشباب الصغار عندما يتركون بلداتهم؛ كما كون صداقات مع ليبراليين وراديكاليين من حركة ألمانيا الشابة، التي كانت تطالب بوضع نهاية للاتجاه المحافظ ضيق الأفق الذي كان يسعى فقط للحفاظ على سلطته في كل من الدين والنقد الأدبي والسياسة.
شكل 2-2: فريدريك إنجلز في سن التاسعة عشرة.
وعلى مدار السنوات فيما بين 1839 و1842، أثبت إنجلز نفسه ناقدا سياسيا وأدبيا بما يقرب من خمسين مقالة وكتيبا، ومن بين تلك الأعمال عمل يصف المكان الذي يسافر فيه الفقراء على متن سفينة متجهة إلى أمريكا، والذي وصفه بأنه عبارة عن: «صف من المضاجع ... يتكدس فيه الرجال والنساء والأطفال جنبا إلى جنب مثل أحجار الرصف في الشارع.» وقال عن الأشخاص المسافرين في هذا المكان إنهم أناس «لا يعيرهم أحد اهتماما أو احتراما مطلقا»، وإنهم كانوا يجسدون مشهدا حزينا. لقد كان المشهد أشبه بما يكون عليه الحال عندما «تلقي عاصفة هائلة كل شيء في دوامة الفوضى» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الثاني).
Halaman tidak diketahui