موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
Penerbit
دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني
Nombor Edisi
الثانية ١٤٢٦ هـ
Tahun Penerbitan
٢٠٠٥ م.
Lokasi Penerbit
جادة ابن سينا.
Genre-genre
المقدمات
الإعجاز
إنّ اللهَ خلَقَ الإنسانَ في أحسنِ تقويمٍ، وكرّمه أعظمَ تكريم، وسخّر له الكونَ تسخيرَ تعريفٍ وتفضيلٍ، ووهبَه نعمةَ العقلِ، وفطَرَه فطرةً تنزعُ إلى الكمالِ، وأودعَ فيه الشهوات ليرقى بها صابرًا أو شاكرًا إلى ربّ الأرضِ والسماواتِ، ومنحَه حريّةَ الإرادةِ ليجعلَ عملَه ثمينًا، وأنزلَ كُتبًا أحلّ له فيها الطيباتِ، وحرّم عليه الخبائثَ، كلُّ ذلك ليعرفَ ربّه فيعبدَه، ويسعدَ بعبادتِه في الدنيا والآخرةِ.
إنّ الحقَّ لابَسَ خلْقَ السماواتِ والأرضِ، وهو الشيءُ الثابتُ، والهادفُ، بخلافِ الباطلِ، فإنه الشيءُ الزائلُ والعابثُ، إنّ الحقَّ دائرةٌ تتقاطعُ فيها أربعةُ خطوطٍ؛ خطُّ النقلِ الصحيحِ، وخطُّ العقلِ الصريحِ، وخطُّ الفطرةِ السليمةِ، وخطُّ الواقعِ الموضوعيِّ، فالنقلُ الصحيحُ كلامُه ﷾، مع بيانِ المعصومِ ﷺ، والعقلُ الصريحُ ميزانٌ مِن خَلْقِ اللهِ أودعه اللهُ في الإنسانِ ليتعرّفَ من خلاله إلى الله، والفطرةُ ميزانٌ آخرُ متطابِقٌ مع الشرعِ الإلهيِّ، وهو مركوزٌ في أصلِ كيانِ الإنسانِ ليكتشفَ من خلالها خطأَه، والواقعُ خَلْقُ الله تحكُمُهُ القوانينُ التي قنّنها اللهُ ﷻ، فإذا كانت هذه الفروعُ الأربعةُ من أصلٍ واحدٍ فهي متطابقةٌ فيما بينها.
يقومُ دِين الله بشرائِعه المتعددةِ على أصلين لا ثالثَ لهما، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نوحي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ أَنَاْ فاعبدون﴾ [الأنبياء: ٢٥] .
فالأصلُ الأولُ: معرفةُ اللهِ موجودًا، وواحدًا، وكاملًا، وهو ذو الأسماءِ الحسنى والصفاتِ العلا، (وهذا هو التوحيد)، والأصلُ الثاني: معرفةُ منهجه من أجْلِ عبادته التي هي علّةُ وجودِ الإنسانِ، وهي طاعةٌ طوعيةٌ، ممزوجةٌ بمحّبةٍ قلبيةٍ، أساسُها معرفةٌ يقينيةٌ، تُفضِي إلى سعادةٍ أبديةٍ، (وهذه هي العبادةُ) ... فالتوحيدُ قمّةُ العلمِ، والعبادةُ قمّةُ العملِ.
1 / 1