ويقومُ لسانُ المزمارِ بأخطرِ عملٍ في حياةِ الإنسانِ، فلو أنّ نصفَ كأسٍ من الماءِ دخلَ خطأً في الرغامى، في القصبةِ الهوائيةِ إلى الرئتين لماتَ الإنسانُ اختناقًا، لأنّ خلايا الدماغِ النبيلةِ تموتُ موتًا نهائيًا إذا انقطعَ عنها الأوكسيجين أكثرَ من خمسِ دقائقَ، فلو نسيَ لسانُ المزمارِ أنْ يسدَّ طريقَ الرغامى، ويفتحَ طريقَ المريءِ لكانتْ هي القاضيةَ، فكيف لو نَزَلَ الطعامُ في القصبة الهوائيةِ، إذًا لفَسَدَ المجرَى، ولاختنقَ الإنسانُ، وماتَ فورًا؟
هذا اللسانُ الذي يفتحُ طريقَ المريءِ عندَ الطعامِ، ويفتحُ طريقَ التنفسِ عندَ التنفسِ، يعمل ليلًا ونهارًا، يعملُ وأنتَ نائمٌ، قد تقول: لا آكلُ بالليلِ، ولكن هذا اللعابُ الذي يتجمَّعُ في فمِك كيف تبتلعُه وأنت نائمٌ دونَ أنْ تشعرَ؟ مَن الذي أَمَرَ هذا اللسانَ أنْ يفتحَ طريقَ المريءِ، لينتقلَ اللعابُ المجمَّعُ في الفمِ إلى المعدةِ، ثم يغلقه فيتابع التنفسُ عملَه، وأنت لا تدري؟
مِن فضلِ اللهِ علينا أنّ هذه الرغامَى، (القصبةَ الهوائيةَ) لشدّةِ خطورةِ عملِها، ولأنها جهازٌ مصيريٌ، فلو توقفَ التنفُّسُ دقائقَ معدوداتٍ لماتَ الإنسانُ، لخطورةِ عملِها فقد جهَّزها اللهُ ﷾ بأهدابٍ متحركةٍ، تحرَّكَ نحوَ الأعلى دائمًا، فأي شيءٍ طفيفٍ دخلَ فيها تحرَّكَ نحوَ الأعلى، ليتجمعَ في الحنجرةِ، ويكون هو القَشَعَ، مَن الذي زوَّدَ هذه القصبةَ الهوائيةَ بهذه الأهدابِ المتحركةِ؟ ومن المناسب هنا أن نذكر أن التدخينَ يشلُّ هذه الأهدابَ التنفسيةَ، ويعرِّضُ الرئةَ للإصابةِ بالالتهاباتِ الإنتانيةِ، بسببِ شللِ هذه الأهدابِ التي تتحرَّكُ نحو الأعلى.