Encyclopedia of Islamic Morals - Al-Dorar Al-Sunniyah

Group of Authors d. Unknown
49

Encyclopedia of Islamic Morals - Al-Dorar Al-Sunniyah

موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية

Penerbit

موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net

Genre-genre

وروى الترمذي بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله ﷺ قال: «إن من أحبكم إلى وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون» (١). الثرثارون: هم الذين يكثرون الكلام ويتكلفونه. المتشدقون: هم الذين يتكلمون بملء أفواههم، ويتصنعون القول تصنعًا مع التعاظم به والتعالي به على الناس. خامسًا: وروى أبو داود عن عائشة قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» (٢). ويظهر أن السبب في هذا أن من يلزم التقيد بالأخلاق الحسنة ابتغاء مرضاة الله، لابد أن يتعرض في حياته الاجتماعية إلى ما يستدعي منه أخلاقًا حسنة في معظم أوقاته، وهذا يجعله في حالة عبادة دائمة، يغالب فيها نفسه بالصبر وتحمل مشقة مخالفة الهوى، لذلك فهو يدرك بحسن خلقه درجة الصائم الذي لا يفطر، ودرجة القائم الذي لا يفتر. يضاف إلى هذا أن حسن الخلق عبادة ذات آثار اجتماعية تنفع خلق الله، وتوحد كلمتهم، وتبعد عنهم عوامل الفرقة والخلاف، أما الصيام والقيام فهما عبادتان قد لا تنتج عنهما بشكل مباشر آثار اجتماعية تنفع عباد الله، وقد يكون أمرهما قاصرًا على فاعلهما، وصلة خاصة يتوجه بها الإنسان إلى ربه، ولا يخفى أن عبادة الله ذات أثرين أعلى من عبادة ذات أثر واحد. على أن حسن الخلق لا يغني عن فروض العبادات، وكذلك كل الفروض الإسلامية لا يغني بعضها عن بعض، فالصلاة المفروضة لا تغني عن الصيام المفروض، وأداء الصلاة والصيام المفروضين لا يغني عن أداء الزكاة، ولا عن أداء فريضة الحج، وكل هذه الفروض لا تغني عن فريضة الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سادسًا: وروى أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» (٣). زعيم: أي كفيل. ربض الجنة: ربض المكان نواحيه وما حوله من خارجه، كحريم المسجد، وكالأبنية التي تكون حول المدن، وهي الأمكنة التي تربض فيها الأنعام. فمن ترك المراء – أي الجدل في أمور الدنيا ولحظ النفس – بني الله له بيتًا في ربض الجنة، أي استحق دخول الجنة لهذا العمل الذي يخالف فيه هوى نفسه. ومن ترك الكذب في كل الأحوال ومنها حالات المزاح بنى الله له بيتًا في وسط الجنة، لأن من يحفظ لسانه من كل الكذب ابتغاء مرضاة الله هو ذو مرتبة عالية في الأخلاق الحميدة وفي تقوى الله وأعمال البر، إذ ترك الكذب والتزام الصدق مجمع لجملة كبيرة من الفضائل الخلقية، والمصالح الاجتماعية العلمية والعملية. أما جماع الفضائل كلها فهو حسن الخلق بوجه عام.

(١) رواه الترمذي (٢٠١٨)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وحسن إسناده الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٧٩١). (٢) رواه أبو داود (٤٧٩٨)، وأحمد (٦/ ١٨٧) (٢٥٥٨٧)، والحاكم (١/ ١٢٨). وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (١٦٢٠). (٣) رواه أبو داود (٤٨٠٠)، والطبراني في «الكبير» (٨/ ٩٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ٤٢٠) (٢١١٧٦). وصححه النووي في «رياض الصالحين» (ص٢١٦)، وحسنه الألباني في «صحيح الترغيب» (٢٦٤٨).

1 / 48