جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة
جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة
Penerbit
المكتبة العلمية بيروت
Lokasi Penerbit
لبنان
Genre-genre
فليس من وجه يحمل عليه، إلا صبر له، وقاتل فيه قتالًا شديدًا. فقال لأصحابه:
"لا يهولنكم ما ترون من صبرهم. فوالله ما ترون فيهم إلا حمية العرب، وصبرها تحت راياتها، وعند مراكزها، وإنهم لعلى الضلال، وإنكم لعلى الحق، يا قوم اصبروا وصابروا واجتمعوا، وامشوا بنا إلى عدونا، على تؤدة رويدًا، ثم اثبتوا وتناصروا، واذكروا الله، ولا يسأل رجل أخاه، ولا تكثروا الالتفات، واصمدوا١ صمدهم، وجاهدوا محتسبين، حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين".
"تاريخ الطبري ٦: ٢٣".
١ أي اقصدوا جهتهم.
٢٤٥- خطبة عمار بن ياسر:
وقام عمار بن ياسر يوم صفين، فقال:
"انهضوا معي: عباد الله إلى قوم يزعمون أنهم يطلبون بدم ظالم، إنما قتله الصالحون المنكرون للعدوان، الآمرون بالإحسان، فقال هؤلاء الذين لا يبالون إذا سلمت لهم دنياهم، ولو درس١ هذا الدين، لم قتلتموه؟ فقلنا: لأحداثه، فقالوا: إنه لم يحدث شيئًأ؛ وذلك لأنه مكنهم من الدنيا، فهم يأكلونها، ويرعونها، ولا يبالون لو انهدمت الجبال، والله ما أظنهم يطلبون بدم، ولكن القوم ذاقوا الدنيا، فاستحلوها واستمرءوها٢، واعلموا أن صاحب الحق لو وليهم لحال بينهم وبين ما يأكلون ويرعون منها، إن القوم لم يكن لهم سابقة في الإسلام، يستحقون بها الطاعة والولاية، فخدعوا أتباعهم بأن قالوا: قتل إمامنا مظلومًا: ليكونوا بذلك جبابرة وملوكًا، تلك
١ امحى.
٢ استمرأ الطعام: وجده مريئًا أي هنيئًا حميد المغبة.
1 / 357