53

Em‘ān al-Naẓar fī Mashrū‘iyyat al-Bughd wa al-Hajr

إمعان النظر في مشروعية البغض والهجر

Penerbit

دار التوحيد

Genre-genre

محمد ﷺ؛ فإنَّ شيخَ الإسلام ﵀ بعد ما ذكر حديث عائشة ﵂ أنها قالت: (مَا ضَرَبَ رسولُ الله ﷺ شيئًا قَطُّ بِيَدِهِ ولاَ امْرَأة ولا خادِمًا إلاَّ أنْ يُجَاهد في سبيل الله، ومَا نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ فَينْتَقِمُ من صَاحبِهِ إلاَّ أنْ يُنتَهَك شَيءٌ مِن مَحَارِمِ اللهِ فينتقم لِلَّهِ ﷿) (١)؛ قال شيخ الإسلام بعد أنْ ذَكَرَ هذا الحديث: (فقد تَضَمَّنَ خُلُقُه العظيم أنه لا ينتقم لنفْسِهِ إذا نِيل منه، وإذا انتُهِكَت مَحَارِمُ الله لَم يَقُمْ لغضبه شيء حتى ينتقِمْ لله) انتهى (٢).
وانظُر ما ينكِرُه الكثيرون من الغضب إذا انْتُهِكَت مَحَارِم الله، فيكون فاعل ذلك الغضب هو صاحبُ المنكَرِ فيُنكَرُ عليه، ويُرْمى بكلِّ بَليَّة!.
وليَعلم أصحاب الآراء المخالفة لهدي رسول الله ﷺ الذين يحتجُّون برحمة العُصَاة في عدم التغليظ عليهم أو معاقبتهم بالحدود الشرعية أنهم تاركون للرحمة الحقيقية لِخُدَعٍ وهْمِيَّة ضارَّة لهم بترك المأمور وللعصاة بالتمادي في الإصرار والغرور، وتأمل ما ذكره ابن تيمية ﵀ في هذه المسألة حيث قال: (وبِهَذا يتبين أنَّ العقوبات الشرعية كلها أدويةٌ نافعةٌ يُصْلِحُ الله بها مرض القلوب، وهي من رحمة الله بعباده، ورأفته بهم الداخلة في قوله ﵎: ﴿وَمَا

(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (٦٤٦١)، ومسلم برقم (٢٣٢٨) واللفظ له.
(٢) «مجموع الفتاوى»، (١٥/ ١٦٩).

1 / 56