بعض العلماء: "ادعوني أستجب لكم" اعبدوني أثيبكم عن عبادتكم. ويدلّ لهذا قوله بعده: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ . وقال بعض العلماء "أدعوني أستجب لكم": أي اسألوني أعطكم. ولا منافاة بين القولين؛ لأنّ دعاء الله من أنواع عبادته" ١.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ موضحًا هذا المعنى: "إن المعبود لا بد أن يكون مالكًا للنفع والضر، فهو يدعى للنفع والضر دعاء مسألة. ويدعى خوفًا ورجاء دعاء العبادة. فعلم أن النوعين متلازمان، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة، وعلى هذا فقوله: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ ٢ يتناول نوعي الدعاء، وبكلّ منها فسرت الآية؛ قيل: أعطيه إذا سألني، وقيل: أثيبه إذا عبدني، والقولان متلازمان، وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما، أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، بل هذا استعماله في حقيقته المتضمنة للأمرين جميعًا" ٣.
وهذا ما بينه الشيخ الأمين ﵀ وأوضحه: أن من دعا الله دعاء المسألة فقد اعترف أنه المعبود النافع الضار وحده.
المسألة الثانية: إخفاء الدعاء:
أوضح الشيخ ﵀ أن إخفاء الدعاء أعظم من الجهر به ورفع الصوت، فقال ﵀ في تفسير قوله تعالى: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً
١ أضواء البيان ٧/٩٦. وانظر أيضًا المصدر نفسه ١/١٨٣.
٢ سورة البقرة، الآية [١٨٦] .
٣ الفتاوى ١٥/١٠-١١. وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم ٢/٧٧٨-٧٧٩، وبدائع الفوائد ٣/٢-٣، وزاد المعاد ١/٣٣٥.