Dustur Ulama
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون
Penerbit
دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت
Nombor Edisi
الأولى، 1421هـ - 2000م
Genre-genre
يصح إلا بزيادة أمر عليه هو المقتضي (اسم الفاعل) وطلبه الزيادة هو الاقتضاء والمزيد هو المقتضي (اسم المفعول) فالاقتضاء حينئذ أعم مما ذكر سابقا لأن الصحة غير مقيدة بالشرعية. وقريب من ذلك ما قيل إن الاقتضاء هو دلالة اللفظ على معنى خارج يتوقف عليه صدقه أو صحته عقلا أو شرعا أو لغة. قوله (صدقه) ليدخل نحو رفع عن أمتي الخطأ والنسيان. فإن صدق هذا الكلام موقوف على اعتبار نفي حكم المؤاخذة لأن عين الخطأ والنسيان واقع. وقوله (عقلا) ليدخل نحو قوله تعالى (وجاء ربك} . أي أمر ربك لامتناع المجيء على الله تعالى. وقوله (شرعا) ليدخل نحو أعتق عبدك هذا عني بألف. وقوله (لغة) ليدخل نحو قوله تعالى {والله ورسوله أحق أن يرضوه} . أي ممن أن يرضوه.
ويعلم من هذا البيان أن المقتضي بالفتح لكونه محتاجا إليه لازم متقدم ولذا اعترض بأنهم اتفقوا على أن الطلاق والعقود في مثل طلقتك وأنت طالق ونكحتك وبعت واشتريت بطريق الاقتضاء وليس ها هنا لازم متقدم بل متأخر لأن تلك الصيغ كلها في الشرع إنشاءات وموضوعة لإثبات هذه المعاني لا لإخبارها. فالطلاق الثابت مثلا من قبل الزوج بطريق الإنشاء يكون ثابتا بقوله أنت طالق أو طلقتك فيكون متأخرا لا متقدما وقس عليه بعت واشتريت. والجواب أنه ليس معنى كون هذه الصيغ إنشاءات في الشرع أنها نقلت عن معنى الأخبار بالكلية ووضعت لإيقاع هذه الأمور وإنشائها بل معناه أنها صيغ توقف صحة مدلولاتها على ثبوت هذه الأمور من جهة المتكلم أولا يعني أن الشارع اعتبر إيقاع الطلاق مثلا من جهة المتكلم قبيل كلامه أنت طالق أو طلقتك بطريق الاقتضاء بأنه طلق امرأته قبيل كلامه فيخبر عن ذلك الإيقاع بقوله أنت طالق أو طلقتك. وإنما اعتبر هذا صونا لكلامه عن الكذب فكلامه باق على الخبرية لكن لما لم يكن الطلاق ثابتا قبل ثم قد ثبت بهذا النوع من الكلام سمي كلامه هذا إنشاء وقس عليه أنكحتك وبعت واشتريت وها هنا أنظار وتحقيقات ومن أراد التوضيح فعليه النظر في التلويح في باب الاقتضاء.
واعلم أن قوله عليه الصلاة والسلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان. لا يستقيم بلا تقدير لوقوع الخطأ والنسيان من الأمة وثمة تقديرات متعددة بحسب حكم دنيوي كالعقوبة والضمان والمذمة والملامة. وأخروي كالحساب والعقاب والحسرة والندامة. فعلى هذا المحذوف من المقتضي بالفتح ودلالة الكلام على المحذوف من باب الاقتضاء وأيضا من جعل المحذوف من المقتضي عرف الاقتضاء بأنه جعل غير المنطوق منطوقا تصحيحا للمنطوق شرعا أو عقلا أو لغة.
واعلم أن عامة الأصوليين من أصحابنا المتقدمين وأصحاب الشافعي وغيرهم جعلوا المحذوف من باب المقتضي ولم يفصلوا بينهما فعرفوا الاقتضاء بحيث يشمل
Halaman 103