Jalan-Jalan Selepas Pasca-Moden
دروب ما بعد الحداثة
Genre-genre
46
لقد رأى هابرماس أن المآل الذي وصلت إليه هذه الطرق، أسوأ من الأزمة التي انتهت إليها الحداثة. ذلك أن رد الفعل العنيف تجاه العقلانية الحديثة التي تلازمت مع الحداثة، أدى بأصحابه إلى السقوط في الاتجاه المضاد؛ أي في الطرف الأقصى للحداثة، وهو اللاعقل. كما أن محاربة النسق أدى إلى تدمير الذات المسجونة فيه، مما جعل الإنسان يغيب من مشاريع ما بعد الحداثة. لم ينتبه هؤلاء إلى أن سحقهم للأنساق، جرف معه انسحاق الإنسان أيضا. وما عبارة فوكو التي يقول فيها إن النزعة الإنسانية هي أثقل ميراث انحدر إلينا من القرن التاسع عشر ... وقد حان الأوان للتخلص منه، ومهمتنا الراهنة هي العمل على التحرر نهائيا من هذه النزعة؛
47
إلا دليل سافر على ذلك.
لهذا يرى هابرماس أن البديل الممكن للعقل الحديث ليس هو اللاعقل، بل هو العقل التواصلي
Der Grund Kommuniationsmaschine ؛ أي البحث عن بديل لنوعية العقل، وليس إلغاء العقل كليا. فالعقل الخالص الذي حول الإنسان إلى ماهية ميتافيزيقية، يمكن أن نقارنه بعقل آخر قادر على الربط بين هذه الذرات المنعزلة، وهذه الماهيات الكامنة وراء الوجود. إذا فالقضية ليست هي: كيف نسحق النسق؟ بل هي: كيف نحرر الذات من سجن النسق؟
العقل التواصلي - كحل للخروج من أزمة العقل النظري - لا يهدف إلى إنتاج معرفة علمية عن الموضوع أو عن الذات، كما كانت تهدف فلسفات الحداثة، بل هدفه إقامة أرضية صالحة للتفاهم بين الذوات وإخراجها من عزلتها. هدف العقل التواصلي إقامة الجسور القادرة على الربط بين الأنا والآخر، والبحث عن الوسائل الممكنة لتحقيق هذا الهدف. ولهذا يعود هابرماس إلى هيجل؛ لأن هيجل هو الذي حاول إقامة التواصل بين الأنا والآخر بواسطة الجدل. فالذات يمكن أن تتحول - بفضل المنهج الجدلي - إلى نقيضها؛ أي إلى الموضوع، وبذلك تتمكن من تحقيق حريتها. إلا أن هيجل عندما أوقف حركية الجدل، انغلق النسق من جديد.
48
ورغم أننا نعثر عند هيجل على نظرية للسلطة والسيادة (جدل السيد والعبد) تصلح للبناء عليها، إلا أن ما بعد الحداثة لا تلتفت إلا إلى ما يخدم تصوراتها، يقول هابرماس: «لقد كان هناك نضج مبكر في نقد الأوجه القمعية للعقل عندما يكون هذا الأخير مشدودا إلى بعد واحد ... وهذا النقد الذاتي للعقل، والذي نظر إليه منذ نيتشه بوصفه كشفا جديدا، كان حاضرا منذ البداية عند كانط، ثم استمر مع هيجل ونيتشه، كان حاضرا في قلب الحداثة ذاتها، لكنه لم يستثمر.»
49
Halaman tidak diketahui