134

Jalan-Jalan Selepas Pasca-Moden

دروب ما بعد الحداثة

Genre-genre

24

وإذا كانت المقاربة السيكولوجية تنطلق في تفسيرها للعمل الأدبي من الأوضاع النفسية للكتاب، فإن المقاربة السوسيولوجية تعمد هي الأخرى إلى المعطى الخارجي، ولكن من منظور يتجاوز الفردية ليعانق الطبقة أو الإطار الاجتماعي العام، كما هو الحال في التحليل الماركسي للعمل الفني.

لقد ظلت تلك النظرة إلى العمل الفني على أنه ابن شرعي لمؤلفه، وانعكاس لحياته، وثقافته ، وعالمه النفسي، وواقعه الاجتماعي؛ هي المسيطرة على التوجه العام للنقد الفني حتى منتصف القرن العشرين. لهذا كانت مؤلفات النقد الفني السائدة خلال تلك الفترة تبدأ دائما بمقدمة عن حياة الفنان وعالمه الخاص والمشكلات التي صادفته في حياته، وكانت بالمثل تقدم النصيحة للمتلقي بأنه إذا أراد أن يكون رأيا سليما وفهما دقيقا لعمل الفنان فعليه قبل أن يشرع في التعامل مع العمل أن يكون على دراية بتلك المعطيات، حتى يساعده ذلك على التماهي مع أفكار الفنان ومقاربة تجربته الشعورية؛ ومن ثم القدرة على التعامل مع أعماله وفهمها. ويتوقف نجاح عملية التلقي الجمالي للعمل الفني على مدى استطاعة المتلقي بلوغ تفسير مرض للعمل الفني يعتمد في المقام الأول على تلمس أبرز الأحداث الفاعلة في حياة الفنان، والتي يمكن اكتشافها وتتبعها داخل عمله.

على أن تلك المقاربة التي فرضت ذاتها على حركة النقد الفني آنذاك تعرضت إلى نقد كبير على يد النزعة الشكلانية.

25

فقد هاجم الشكلانيون الرأي القائل بأن الأدب فيض من روح المؤلف أو وثيقة تاريخية اجتماعية أو تجل لمنظومة فلسفية ما، وبهذه الطريقة كان توجههم النظري مماثلا للحساسية الجمالية في الفن الحداثي التي نحت نحو التجريد. كان الجانب الذي وجد ما يقابله في الشاعرية الشكلية الروسية، هو تركيز الفن الحداثي آنذاك على التأثير من خلال الابتعاد عن تمثيل موضوعات الواقع والطبيعة بصورة مباشرة؛ «فقد مثلت المدرسة الشكلانية نقلة هائلة، بعيدا عن نظرية الفن السائدة السابقة عليها، وهي تلك النظرية التي كانت قائمة على المحاكاة.»

26

ثم اقتربت الشكلانية من البنيوية عندما ازدهرت مدرسة براغ على يد رومان ياكبسون الذي دعا إلى تحليل النصوص من خلال بنيتها اللغوية والتنظيم الصوتي المستقل لدوالها من خلال العلامات الدالة.

ويؤكد رولان بارت أن عددا من النقاد الأوروبيين قد سبقوه إلى إعلان «موت المؤلف» مثل الأديب الفرنسي مالارميه الذي كان من أوائل المتنبئين بضرورة إحلال اللغة ذاتها محل من كان مالكا لها؛ فاللغة هي التي تتكلم وليس المؤلف. وكذلك أشار بارت إلى جهود بول فاليري التي جاءت مكملة لآراء مالارميه؛ حيث كان فاليري دائم السخرية من المؤلف، ودائم التأكيد على أن اللجوء إلى دواخله خرافة، وأنه لا بد من التركيز على البنية اللغوية لعمل المؤلف وإقصائه عنها.

27

Halaman tidak diketahui