وكذلك الأمر في طلبه، فلم ترو المصادر من أين ممن أخذ العلم؟، ولانعرف شيئا عن رحلاته العلمية إن كانت، وليس هناك أي ذكر على أنه غادر مدينة أصبهان والري، ولم تظهر أية إشارة إلى ذلك في الكتب التي ترجمت له.
كما أن المصادر لم تذكر شيئا عن شيوخه، ولا عن تلامذته، ولا شك أن هذا أمر يؤسف له، خاصة بالنسبة للعالم جليل مثل أبي عبد الله الخطيب، وقد وقع مثل هذا العدد من الأئمة الأعلام، كل بسبب خاص به، كالإمام أبي عبد الله القرطبي (ت ٦٧١ هـ) صاحب «الجامع لأحكام
القرآن»، حيث لم يذكر من ترجم له التلاميذ الذين أخذوا عنه، وتخرجوا عليه، وأفادوا من معرفته الشيء الكثير، فيبعد جدا أن يعزف الناس عنه، ولا يفيد منه.
ولعل السبب بالنسبة للخطيب الإسكافي هو ميله للعزلة كما سيظهر بعد قليل إن شاء الله، ولعل هذا هو ما جعل بعض المراجع الشهيرة في التراجم يغفل ذكره على الإطلاق مثل «سير أعلام
١٩
النبلاء»، الذي ترجم فيه الذهبي لعلماء دون الخطيب الإسكافي بمراحل شاسعة. والله أعلم.
مذهبه في العقيدة:
ظهر لي بحسب واقع ما جاء في كتاب «درة التنزيل» أن الخطيب سني المذهب في العقيدة، إذ لم أجد عنده نفيا للصفات، أو تأويلا لها بالمجاز، ونحوه، أو غلوا في أحكام التكفير بالذنب،
ويتضح ذلك بالاعتبارات التالية:
أولا: مما يدل على أنه مثبت للصفات، منكر على نفاتها، مقر لمذهب أهل السنة في علم الله تعالى
بالجزئيات والكليات: ما قاله في تفسير قوله تعالى) إنه سميع
1 / 31