187
للسببيةِ «وما» موصولةٌ أو نكرةٌ موصوفةٌ، والعائدُ على كلا القولين محذوفٌ أي: نَزَّلناه. والتضعيفُ في «نزَّلنا» هنا للتعدية مرادفًا لهمزةِ التعدِّي، ويَدُلُّ عليه قراءةُ «أنْزَلْنا» بالهمز، وجَعَلَ الزمخشري التضعيفَ هنا دالًاّ على نزولِه مُنَجَّمًا في أوقاتٍ مختلفة. قال بعضُهم: «وهذا الذي ذهبَ إليه في تضعيفِ الكلمة هنا هو الذي يُعَبَّر عنه بالتكثير، أي يَفْعَلُ [ذلك] مرةً بعد مرةٍ، فَيُدَلُّ على ذلك بالتضعيفِ، ويُعَبَّرُ عنه بالكثرةِ» . قال: «وذَهَلَ عن قاعدةٍ وهي أن التضعيفَ الدالَّ على ذلك من شرطه أن يكونَ في الأفعال المتعديةِ قبل التضعيفِ غالبًا نحو: جَرَّحْتُ زيدًا وفتَّحْتُ الباب، ولا يُقال: جَلَّس زيدٌ، ونَزَّل لم يكن متعديًا قبلَ التضعيفِ، وإنَّ ما جَعَلَه متعديًا تضعيفُه.
وقولُه «غالبًا» لأنه قد جاء التضعيفُ دالًاّ على الكثرة في اللازم قليلًا نحو: «مَوَّت المالُ» وأيضًا فالتضعيفُ الدالُّ على الكثرةِ لاَ يَجْعَلُ القاصرَ متعديًا كما تقدَّم في موَّت المال، ونَزَّل كان قاصرًا فصار بالتضعيفِ متعدِّيًا، فدلَّ على أن تضعيفه للنقل لا للتكثير، وأيضًا كان يَحْتاج قولُه/ تعالى: ﴿لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ [الفرقان: ٣٢] إلى تأويل، وأيضًا فقد جاء التضعيفُ حيث لا يمكنُ فيه التكثيرُ نحو قوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ﴾ [الأنعام: ٣٧] ﴿لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكًا رَّسُولًا﴾ [الإسراء: ٩٥] إلا بتأويل بعيدٍ جدًا، إذ ليس المعنى على

1 / 198