وأما ما ذكرت بسلامتك أنهما لولا حصلا بغير شيء ... إلى آخر ما ذكرت فالله العالم أن السودة لم تحصل إلا بغرامات وخسارات، لا تنحصر ولا تنعد، ولا تنقطع أبد الأبد، ففي الابتداء، لم يصلها عليه السلام إلا بأموال عظيمة جليلة خطيرة، ونحن ممن اقترض لذلك الشأن ودفع من نفسه وأعان، ثم حال دخوله سلم الأموال الجليلة لكل إنسان، من الرجال والنسوان، وقضى جميع ما كان أدانه سليمان، ثم تحمل مؤنة بيت الفقيه إلى الآن، ثم عزم بسبب خروج سليمان ما علمه كل إنسان، ثم لا يصل إليها ولا يقف فيها إلا وهو يتألف جميع من فيها ومن حولها من البلدان، ثم لا يقنعوا منه عليه السلام حتى يلحقوه إلى كحلان، ثم لا يزال يجهز إليها المخارج كل سنة لافتقادها وما حدث فيها وكان، فهذه هي الغنيمة الباردة عندكم أيها الإخوان، فالله المستعان، ثم لم يكفه فيها وفي كحلان إلا ولده ومهجة قلبه، وثمرة فؤاده، وأعز الناس عنده، ومن لا يشتهي أن يفارقه، فالعجب كل العجب وفوق العجب ممن يعتقد هذا الاعتقاد، وأما ما ذكرت من أن الجهات اليمنية كرسي المملكة وتاجها، فنحن نقول: وليست من صحة شروط الإمامة وأساسها، فكم من إمام ملك اليمن، وأكثرهم في الشام من أول الزمن، وله عليه السلام بجده الكبير الهادي وأولاده بعده ثم جده الهادي ومعاصره المهدي أسوة حسنة، وكذا من بعدهما من أئمة الهدى ومن بهم القدوة والاهتداء، فإن مقصود الإمامة تحصيل الثواب لا النظر فيما يعجب من البلاد ويستطاب، فلو كانت مبنية على هذه القاعدة، لقيل:فما في وقوف القاسم عليه السلام في جبل الرس من فائدة، أو لو كان في تحصيل صنعاء وأمثالها في صحة الإمامة حجة، لكان ذلك مما يطعن به على الإمامين العظيمين المقبورين في حجة، هذا مما لا يتكلم به عاقل، ولا يتعرض به إلا جاهل أو متجاهل.
Halaman 453