[كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله]
ومن كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله، وقد رفع إليه أن من الشيعة الذين لديه من يتجرم ويتبرم، ويظهر الغضب لغير سبب، فقال عليه السلام مجيبا: ذكرت بسلامتك تغيظ الأصحاب علينا، وتجرمهم، وما وقع بينهم من الاتفاق والمراجعة والكتابة إليه، ومن ذلك كله العجب، أما تغيظهم علينا، فلا نعلم له سببا ولا موجبا، ولا نعلم أن منهم من وقعت إليه إساءة، بل أقمنا حقوقهم وأسقطنا عنهم حقوقنا، فما منهم من يتعب نفسه في مسايرة، ولا جهاد، ولا زيارة، ولا كتابه، ولا قضاء حاجة قط، وما منهم من نقصناه مما يعتاده في الزمن الأول، بل ما منهم إلا من قد ازداد ثم أنه إن صدر إليهم من جانبنا أمر، فاللائق منهم المراجعة لنا والإخبار بما في أنفسهم مكاتبة أو مشافهة، ولا معنى لكتابتهم إليك، لأنك إن كنت فعلت ما أمرناك به فلا لوم عليك، ولا جناية منك، ولا مثلهم من يسومك فعل ما أرادوه، وترك ما أردناه، وإن كنت فعلت شيئا لم نأمرك به فالعلاج السهل أن ينبهونا على ذلك، وينهوه إلينا، وكلامنا عندك أقطع وأوقع، وليس ثم إلا أحد أمرين لا ثالث لهما، إما أن الإمامة ثابتة عندهم، وقاعدتها مستقيمة، فما للمأموم إلا ما طابت به نفس الإمام، ويجب عليه الطاعة رضي أم كره فيما وافقه وفيما لم يوافقه، وما منهم من يجهل حق الإمام، وإن كانت القاعدة عندهم منتفية، فالكلام مطوي من أصله، ولا معنى للتعتب والتجرم، وليعلم حفظه الله، أنه ما من أحد من الأقارب والأجانب، وأهل التمييز وغيرهم، إلا ويخطر بباله الخروج والبغي علينا، والمباينة والنكاية لنا، لا سيما من أعجب بنفسه، واعتقد إمكان الأمر له، إذا لم يبلغ معهم إلى حد يرضيهم ويقنعهم، لكن من الناس من له دين وقاعدة راسخة فيه، فيرده دينه، ومنهم من له عقل وافر فيعرف بعقله أن عاقبة ذلك عليه لا له، فيترك نظرا لنفسه في الأصلح في دنياه، ومنهم من يستحي فيحمله الحياء على ترك ذلك، وإن لم يرده دين ولا حسن تدبير، ومنهم من يعدم هذه الأمور
Halaman 420