أما المعارضة فيمن خرج على إمام الحق منتضيا سيفه، شارعا رمحه، محاولا لانتزاع روحه واستئصال شافته، لأنه يتأتى فيه مثل ما ذكر مولانا فيمن صدر منه مجرد النفي، فيلزم حمله على السلامة، والحكم بعدم خطئه في خروجه واعتقاده، وقبح مقاتلته مع الإمام، وبيان ذلك أن يقال: لا يمتنع أن يكون الخارج على الإمام قد أمعن النظر في طريقته، وتبطن أحواله وسيرته، فظهر له من الأمور المبطلة لدعواه، المجانبة لرضا مولاه المحلة(1) لسفك دمه وهتك حرمه، ما خفي على المثبت لإمامته المعتقد لصحة ولايته، فليس للمثبت إذا أن يحكم بخطأ ذلك الباغي في بغيه، بل يحمله على السلامة، وهذا ظاهر الفساد، لأن فيه تصويب القاتلين لأئمة الهدى ومصابيح الدجى سلام الله عليهم.
وأما التحقيق فهو أن يقال: إنه ليس لكل من المثبت والنافي أن يخطئ الآخر، حتى يظهر له حقيقة حاله، أو يطالبه بوجه اعتقاده فلا يبرزه، فيكون حينئذ قد أحل نفسه محل التهمة، والمخطئون محمولون على أنهم إنما حكموا على مخالفهم بالضلال بعد أن ظهرت لهم حقيقة الحال، وتيقنوا أنه راكب لمتن العناد(2)، متبع لهواه في ذلك الاعتقاد، اللهم إلا أن يظهر لنا خلاف ذلك، عملنا بمقتضى ما ظهر.
Halaman 329