قلنا: بل يدل إذا كان المعلوم من الأمور التي لو وقعت لنقلت، لتوفر الداعي(1) إلى نقلها، ومسألتنا من هذا القبيل، على أنا لم نكتف في بيان [انتفاء] (2) ذلك بمجرد انتفاء العلم به، بل ضممنا إليه قولنا: بل أجمعوا علىمثل ما ذكر أبو بكر أنه لا بد من قائم تلجأ الأمة إليه... إلى آخره.
ومما اشتهر في صفة ذلك ما روي أنه لما توفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أول من خطب أبو بكر رضي الله عنه، فقال: أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد إله محمد فإنه حي لا يموت، لا بد لهذا الأمر ممن يقوم به، فانظروا أو هاتوا آراءكم، رحمكم الله تعالى. فتبادروا من كل جانب: صدقت، ولكننا ننظر في هذا الأمر، ولم يقل أحد منهم أنه لا حاجة إلى الإمامة، ثم أبكروا إلى سقيفة بني ساعدة، وتركوا أهم الأشياء، وهو دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأوا نصب الإمام أهم من ذلك.
نعم؛ وبهذا ندفع قوله: فأكثر ما فيه أن يكون إجماعا سكوتيا.
قوله: على أنا إذا رجعنا إلى أنفسنا وجدنا هذا الدليل لم يكسبها يقينا ولم يفدها سكونا.
قلنا: لعل المانع من إفادة هذا الدليل اليقين لتلك الأنفس هو ما سبق إليها من اعتقاد خلاف مقتضاه.
قوله: يعلم ذلك من حالهم ضرورة من لا يعرفهم، ولا يعلم أعدادهم ولا أسماءهم ولا أعيانهم.
قلنا: أما العلم بأعدادهم وأسمائهم فلا شك أنه غير معتبر في العلم بأحوالهم مطلقا، وأما العلم بأعيانهم فإنما يعتبر في حق الناقلين عنهم المشاهدين لهم فقط، فإذا علموا أعيانهم وسمعوا أقوالهم وشاهدوا القرائن الظاهرة المحتفة بها، وكان فيهم كثرة، ثم نقلوا ذلك إلى غيرهم بأن قالوا للذين بعدهم مثلا: إنا سمعنا كل واحد من الصحابة يقول كذا، وشاهدنا(3) حينئذ من القرائن كيت وكيت، فإنه حينئذ محصل العلم الضروري للمنقول إليهم بأحوال المنقول عنهم بلا ريب، وإن لم يعلموا ما ذكره مولانا أيده الله تعالى.
Halaman 311