قلت: لا شك أنه يتطرق النظر إلى دعوى الإجماع في هذا الموضع وغيره، لكن يقال له: إن كنت ممن يلمح إلى هذا المعنى وهو أن اعتقاد الإجماع لا يتهيأ في أصله أو في نقله، مالك تحتج به في غير هذه المسألة، وإن كان التنظير يختص بالإجماع في هذه المسألة، فلعمري أنه أظهر منه في غيرها وأقوى، واحتج عليه السلام بشيء من الآيات والأخبار والآثار كقوله تعالى: ?أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى? [يونس:35]، وقوله تعالى: ?إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم? [البقرة:247]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «من استعمل على قوم عاملا وفي تلك العصابة أرضى لله تعالى منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقد خان الله ورسوله» (1)، وقول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة في أمر السقيفة: (والله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم، ما كان فينا القاريء لكتاب الله تعالى، الفقيه في الدين، العالم بالسنة).
وقرر المهدي عليه السلام هذا الاستدلال ما أمكنه، وبسط فيه القول حينما استحسنه، فأما لو فرض أن المسألة ظنية اجتهادية فلا بأس بمثل هذا التكليف والتشبث بالمآخذ البعيدة، فمثل هذا في مسائل الظن غير قليل.
Halaman 120