289

Durr Kamin

Al-Durr al-Kamin bi-Dhayl al-ʿIqd al-Thamin fi Tarikh al-Balad al-Amin

Genre-genre

ولما قدم القاهرة المرة الثالثة سنة تسع وأربعين لازم جماعة من الأكابر كالكمال ابن البارزي ، والبدر البغدادي الحنبلي ، والأمير دولات باي المؤيدي ، فاستقر في نصف الخطابة الذي مع القاضي أبي اليمن ، ورجع في سنة خمسين صحبة الكمال البارزي فباشرها وأحيا سنة قد أميتت من بعد القاضي شهاب الدين بن ظهيرة سنة ست وسبعين وثمانمائة ، فإنه خطب بمسجد الخيف من منى يوم النحر ويوم النفر الأول ، ثم استقر أبو اليمن في الخطابة كلها في موسم السنة التي تليها ، ثم أعيدا إليها في سنة اثنتين وخمسين ، وخطب هذا بمنى المرتين أيضا ، ثم انفصلا عنها في شعبان سنة خمس وخمسين بالقاضي برهان الدين ابن ظهيرة ، ثم أعيدا في أوائل جمادى الأولى سنة سبع وخمسين ، ثم انفصلا في عاشر صفر سنة ست وستين بالقاضي برهان الدين المذكور وأخيه أبي البركات ، ثم أعيدا سنة ثمان وستين ، ثم انفصلا بالقاضي برهان الدين وأخيه فخر الدين في ثاني عشري ربيع الآخر من السنة ، ثم أعيدا في شعبان سنة تسع وستين ، واستمرا حتى ماتا.

وولي تدريس المدرسة الأفضلية بمكة.

وتردد للقاهرة مرارا وحصل له بها حظ وافر.

ودخل الشام فاختص بنائبها حاتم الأشرفي وصار في قبضته. ويقال أنه قاسمه ما في خزائنه وكان شيئا كثيرا ، وعاد لمكة فاشترى بها زاوية أم سليمان وعمرها عمارة هائلة ، وجعل له فيها زاوية للذكر كل ليلة ثلاثاء ، ويطعم فيها الحاضرين ما يتيسر ، بل كان ديدنه أن يقدم بمكة والقاهرة لكل من وصل إليه من أمير وكبير وصغير ما يليق به من الطعام والحلوى وغيرهما. وحصل بينه وبين قاضي مكة برهان الدين ابن ظهيرة شنآن كبير وتنازعا في الحجر ، فصنف كل منهما تصنيفا في ذلك ، استعان هذا بوالدي فيما كتبه وروى عنه فيه ، وقرض لكل منهما كتابه جماعة من أهل مصر ، ولما طال الشنآن بينهم خاف هذا على نفسه من إقامته بمكة لكون القاضي برهان الدين من جهته صاحب مكة ، فارتحل إلى القاهرة وسكنها والقبة ، ورزق فيها حظوة كبيرة بحيث كان يتردد له أمير كبير فمن دونه يحسنون له إحسانا كثيرا ، بل وعرض عليه قضاء مكة فأباه ، ولما وجع وجع الموت أراد السلطان أن ينزل فيسلم عليه ، وأرسل من يخبره بذلك فوجدوه قد مات.

Halaman 295