Durr Farid
الدر الفريد وبيت القصيد
Penyiasat
الدكتور كامل سلمان الجبوري
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Lokasi Penerbit
بيروت - لبنان
Genre-genre
وَيَجْرِي هَذَا المَجْرَى قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ المَتَنَبِّيُّ (١): [من الطويل]
(١) أَبُو الطَّيِّبُ المُتَنَبِّيّ مَوْلدُهُ بِالكُوْفَةِ فِي كِنْدَةَ سَنَة ثَلَاثِ وَثَلَاثِمِائَةَ، ثُمَّ سَافَرَ أَبُوْهُ إِلَى الشَّامِ وَلَمْ يَزَلْ يَنْقُلُهُ مِنْ بَادِيَتِهَا إِلَى حَضرِهَا وَيُرَدِّدُهُ بَيْنَ مَوَاطِنِ الأَدَبِ وَقَبَائِلِ العَرَبِ حَتَّى تَوَفَّى أَبُوْهُ وَقَدْ تَرَعْرَعَ أَبُو الطَّيِّبِ وَشعرَ وَبَرَعَ وَكَاَنَتْ لَهُ هِمَّةٌ فَبَلَغَ مِنْ عُلُوِّ هِمَّتِهِ أَنْ دَعَا قَوْمًا بَيْعَتِهِ مِنْ عَلَى حَدَاثَةِ سِنَّهِ وَحِيْنَ كَادَ يَتِمُّ لَهُ أَمْرُهُ وَصَلَ الخَبَرُ إِلَى البَلَدِ وِعَرَفَ مَا هُمْ بِهِ مِنَ الخُرُوْجِ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ وَتَقْيِيْدِهِ فَاسْتَعْطَفَهُ أَبُو الطَّيِّبِ وَقَالَ فِيْهِ أَشْعَارًا فَخَلَّى سَبِيْلَهُ.
وَيُقَالُ أَنَّهُ تَنَبَّأَ فِي صِبَاهُ وَفَتَن شرْذِمَةٌ مِنَ النَّاسِ بِقُوَّةِ أَدَبِهِ وَحُسْنِ كَلَامِهِ وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ عُثْمَان بن جِنِّي: سَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ إِنَّمَا لُقِبْتُ بِالمُتَنَبِّيّ لِقَوْلي (١):
أَنَا تِرْبُ النَّدَى وَرَبُّ القَوَافِي ... وَسِمَامُ العِدَى وَغَيْظُ الحَسُوْدِ
أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَهَا اللَّهُ ... غَرِيْبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُوْدِ
مَا مَقَامِي بَأَرْضِ نَحْلَةَ إِلَّا ... كَمَقَامِ المَسِيْحِ بَيْنَ اليَهُوْدِ
فَهُوَ كُوْفِيُّ المَوْلدِ شَامِيُّ المَنْشَأِ وبِهَا تَخَرَّجَ وَهُوَ شَاعِرُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بنش حَمْدَانَ وَالمَنْسُوْبِ إِلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي رَفَعَ مِنْ قَدْرِهِ وَنَوَّهَ بِذِكْرِهِ وَأَلْقَى عَلَيْهِ شُعَاعَ سَعَادَتِهِ وَضمَّهُ إِلَى سُؤْدَدِ سَيَادَتِهِ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ اتِّصالِهِ بِسَيْفِ الدَّوْلَةِ يَمْدَحُ القَرِيْبَ وَالغَرِيْبَ وَيَصْطَادُ الكَرْكِيَّ وَالعَنْدَلِيْبَ.
قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: وَلَمَّا قَدِمَ أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ مِصْرَ إِلَى بَغْدَادَ تَرَفَّعَ عَنْ مَدْحِ الوَزِيْرِ المُهَلَّبِيّ ذهَابًا بِنَفْسِهِ عَنْ مَدْحِ غَيْرِ المُلُوْكِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُهَلَّبِيّ فَأَغْرَى بِهِ شُعَرَاءَ بَغْدَادَ حَتَّى نَالُوا مِنْ عِرْضِهِ وَتَبَارُوا فِي هِجَائِهِ مِنْهُمْ ابْنُ الحَجَّاجِ وابنُ سُكَّرَةَ وَالحَاتِمِيّ وَأَسْمَعُوْهُ غَلِيْظ مَا يَكْرَهُ وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الحَسَنِ ابنَ لَنْكَكَ البَصْرِيَّ وَكَانَ حَاسِدًا لِلْمُتَنَبِّيِّ مُهَاجِيًا لَهُ زَاعِمًا أَنَّ أَبَاهُ كَان سَقَّاءً بِالكُوْفَةِ فَشَمَتَ بِهِ ثُمَّ إِنَّ المُتَنَبِّيّ فَارَقَ بَغْدَادَ تَحْتَ اللَّيْلِ مُتَوَجَّهًا إِلَى أَبِي الفَضْلِ بنِ العَمِيْدِ فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ - مَوْرِدَهُ وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ طَمِعَ الصَّاحِبُ بنُ عَبَّادِ فِي زِيَارَةِ المُتَنَبِّيّ إيَّاهُ وَإِجْرَائِهِ لَهُ مَجْرَى مَقْصُوْدٍ بِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ
(١) ديوانه ١/ ٣١٩ - ٣٢٣ - ٣٢٤.
1 / 221