58

Duroos of Sheikh Muhammad Isma'il Al-Muqaddim

دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم

Genre-genre

مراحل التوبة
يقول بعض العلماء حينما يتكلمون عن التوبة: إن بداية الطريق إلى الله ﷿ وبداية الهداية لا تكون بالتوبة بقدر ما تكون بالإفاقة، وذلك بأن يفيق الإنسان ويصحو ويفكر في مصيره وماذا عمل لما بعد الموت؟! وكيف يستعد للقاء الله؟! حينها يندم على ما فرط منه.
هذه الإفاقة هي الصحوة التي يفيق بها الإنسان، والتي إن لم تقم له هذه القيامة في الدنيا فرغمًا عنه سيفيق وسيندم، لكن حيث لا ينفعه الندم حينما يأتيه ملك الموت.
فأول المراحل: أن يفيق الإنسان ويقوم من نومه ومن سباته، يقول الله ﵎: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ [سبأ:٤٦] فهذه القيامة هي أن يفيق الإنسان من سكرته، ويعزل نفسه عن هذه المؤثرات التي تشغله عن الله، وعن الدار الآخرة، وعن الوطن الحقيقي، وعن المستقبل الدائم الذي لا انقطاع له في حياة أبدية لا نهاية لها.
يقول ﵎: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الكهف:١٤]، عبر عنها بهذا القيام.
قوله: (إذ قاموا) أي: أفاقوا، (فقالوا ربنا رب السموات والأرض).
إذًا: كل هداية لها بداية، وأي إنسان منَّ الله ﷿ عليه بالهداية ففي الغالب أن يكون هناك موقف معين، خاصة إذا كان هذا الإنسان من قبل معرضًا عن الله، ولم يوفق أن يكون شابًا نشأ على طاعة الله وعلى عبادة الله، بل يكون قد خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا، أو انغمس تمامًا في المعاصي والمخالفات، فتكون هناك بداية لهدايته.
وهذه البداية تختلف حسب مدخل كل إنسان إلى التوبة، والاستقامة قد تكون بآية سمعها مئات المرات من قبل، لكن في موقف معين فهذه الآية جعلته بإذن الله يفيق من غفوته، وتكون سببًا لاستئناف الطريق إلى الله ﷿.

4 / 12