Duroos of Sheikh Muhammad Isma'il Al-Muqaddim
دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم
Genre-genre
الإسلام دين يتعامل مع الواقع البشري الحي
ومن نعمة الله ﷾ علينا أن هذا الإسلام ليس دينًا يتعامل مع النظريات المثالية أو الخيالية، وإنما هو دين يتعامل مع الواقع البشري الحي، وإذا كلفنا الإسلام بشيء فهو لابد داخل طوقنا، وفي استطاعتنا؛ إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
ومن رحمة الله ﷿ أنه أرسل إلينا من أنفسنا رسولًا من البشر، ولو كان أرسل إلينا ملكًا -بفرض وقوع ذلك- فربما إذا ندب الملك هؤلاء البشر إلى أن يغيروا أخلاقهم ويتمثلوا الحق في سلوكهم ربما قالوا: أنت ملك، وأما نحن فبشر، ولابد من أن نقع في الذنوب والتقصير.
أما وقد جاءنا رسول من أنفسنا وهو بشر مثلنا تمثل فيه وتحقق فيه النموذج الأعلى والأكمل للبشرية على الإطلاق، وليس هذا فحسب، بل جعله الله ﷿ قدوة لنا وأسوة نقتدي بها، فقال ﷿: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب:٢١]، ثم انفعل صحابته الأبرار رضي الله تعالى عنهم بهذه الأسوة الحسنة وتأثروا بها، وبذلك استحقوا أن يكونوا خير أمة أخرجت للناس، فخير أمة وأفضل أمة وأكمل الأمم على الإطلاق هم الصحابة الأطهار، ثم من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن المسلمين دائمًا ننظر إلى السلف الصالح وإلى الصحابة ﵃ وتابعيهم بإحسان على أنهم قمة شامخة عالية، وكل ما نرجوه هو أنا نحاول أن نرتقي بقدر الاستطاعة ونرتفع إلى مستواهم؛ فالاقتداء بالسلف وبالصحابة ليس رجوعًا إلى الوراء، وليس رجعية، لكنه تسامٍ وترقٍ وصعود إلى أعلى.
فينبغي محاولة اللحاق بهم في أخلاقهم وفي عباداتهم وفي جهادهم رضي الله تعالى عنهم.
6 / 3