Duroos by Sheikh Al-Uthaymeen
دروس للشيخ العثيمين
Genre-genre
طهارة المسافر
أما بالنسبة للطهارة فإن المسافر يجب عليه أن يتطهر بالماء كالمقيم تمامًا، لكن إذا لم يكن معه من الماء إلا ما يحتاجه لشربه وأكله فإنه يجوز له التيمم، لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة:٦] فله أن يتيمم، ولكن إذا وصل الماء فإنه يتطهر به، لحديث أبي هريرة ﵁: أن النبي ﷺ قال: (الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته) فإذا تيممت ثم وصلت إلى الماء وأردت أن تصلي وجب عليك أن تتوضأ بالماء إن كان تيممك عن طهارة صغرى، ووجب عليك الغسل إن كان تيممك عن طهارة كبرى.
فإذا قال قائل: هل التيمم يرفع الحدث بحيث إذا بقي الإنسان على طهارته فله أن يصلي ما شاء، أو هو طهارة استباحة يتقدر بقدر الضرورة؟ ف
الجواب
إن العلماء اختلفوا في ذلك، فمنهم من قال: إن التيمم طهارة استباحة يتقدر بقدر الضرورة، فلا يتيمم للصلاة قبل دخول وقتها، وإذا خرج الوقت بطل التيمم، ومن العلماء من قال: بل إن التيمم طهارته رافعة للحدث لأن الله تعالى حين ذكر الوضوء والغسل والتيمم قال: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة:٦] وهذا يدل على أن التيمم مطهر، كما أن الاغتسال والوضوء مطهران، فكذلك التيمم مطهر، ولقول النبي ﷺ: (جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا) (والطَهور) بالفتح ما يتطهر به، وعلى هذا فأقول: التراب مطهر، بل يكون التيمم مطهرًا، ومعنى كونه مطهرًا أنه رافع للحدث.
فإذا قال قائل: إذا جعلتموه رافعًا للحدث فلماذا تقولون: إنه إذا وجد الماء فلا يصلي إلا بعد الطهارة به، وضوءًا إن كان تيممه عن حدث أصغر، وغسلًا إن كان تيممه عن حدث أكبر؟ فالجواب أن نقول: هذا مقتضى الأدلة، فإن في حديث أبي سعيد الذي رواه البخاري مطولًا، وفيه: أن النبي ﷺ رأى رجلًا معتزلًا لم يصل في القوم، فقال: (ما منعك أن تصلي؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك -فأرشده النبي ﷺ إلى التيمم- ثم حضر الماء واستقى الناس منه وبقي منه شيء فأعطاه النبي ﷺ الرجل، وقال: خذ هذا أفرغه على نفسك) وهذا يدل على أن التيمم لا يرفع الحدث إلا ما دامت الضرورة باقية، أما إذا زالت الضرورة ووجد الإنسان ماء فإنه لا بد من استعماله، ولحديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه آنافًا: (فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته).
وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى إجماع العلماء على أنه إذا وجد الماء فإنه لا يصلي حتى يتطهر به، وإذا قدر أن في المسألة خلافًا فإنه خلاف ضعيف، فالصواب إذًا: أن المتيمم إذا وجد الماء فلا بد له من استعماله، فإذا قال قائل: لو تيممت لصلاة الظهر، وبقيت على طهارة إلى صلاة العصر وأنا لم أجد الماء، فهل أصلي صلاة العصر بالتيمم لصلاة الظهر؟ الجواب: إن قلنا: إن التيمم يبيح فإنك لا تصلي صلاة العصر بالتيمم لصلاة الظهر، بل لا بد من إعادة التيمم، وإذا قلنا: إنه رافع وهو الصحيح فإنه يجوز أن تصلي صلاة العصر بالتيمم لصلاة الظهر، حتى لو فرض أنك بقيت إلى المغرب وإلى العشاء فإنك على طهارتك ما لم تنتقض بأحد النواقض المعروفة.
تكلمنا الآن عن ثلاث مسائل: العمل الصالح في أيام العشر، والثاني: صلاة المسافر، والثالث: طهارة المسافر.
1 / 8