Durar dalam Ringkasan Ekspedisi dan Biografi
الدرر في اختصار المغازي والسير
Penyiasat
الدكتور شوقي ضيف
Penerbit
دار المعارف
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٠٣ هـ
Lokasi Penerbit
القاهرة
بِهَذَا؟ قَالُوا: جَاءَنَا بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَنْفُسِنَا قَدْ عَرَفْنَا وَجْهَهُ وَنَسَبَهُ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، فَعَرَفْنَا كَلامَ اللَّهِ وَصَدَّقْنَاهُ. قَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: فَبِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ قَالُوا: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَيَأْمُرُنَا أَنْ نَتْرُكَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَبِالْوَفَاءِ وَبِأَدَاءِ الأَمَانَةِ وَبِالْعَفَافِ.
قَالَ النَّجَاشِيُّ: فَوَاللَّهِ إِنْ١ خَرَجَ هَذَا إِلا مِنَ الْمِشْكَاةِ٢ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا أَمْرُ مُوسَى ﵇، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّجَاشِيِّ: إِنَّ هَؤُلاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ ابْنَ مَرْيَمَ إِلَهَكَ الَّذِي تَعْبُدُ عَبْدٌ. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ لِجَعْفَرٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ؟ قَالُوا: نَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَابْنُ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ٣. فَخَفَضَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الأَرْضِ، فَأَخَذَ عُودًا وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ قَدْرَ هَذَا الْعُودِ٤. فَقَالَ عُظَمَاءُ الْحَبَشَةِ: وَاللَّهِ لَئِنْ سَمِعَتِ الْحَبَشَةُ بِهَذَا لَتَخْلَعَنَّكَ. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: وَاللَّهِ لَا أَقُولُ فِي ابْنِ مَرْيَمَ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ أَبَدًا، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُطِعْ فِيَّ النَّاسَ حِينَ رَدَّ إِلَيَّ مُلْكِي فَأَنَا أُطِيعُ النَّاسَ فِي اللَّه، مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. أَرْجِعُوا إِلَى هَذَا هَدِيَّتَهُ، فَوَاللَّهِ لَوْ رَشَوْنِي دَبْرًا مِنْ ذَهَبٍ مَا قَبِلْتُهُ. وَالدَّبْرُ: الْجَبَلُ، قَالَ الْهَرَوِيُّ: لَا أَدْرِي عَرَبِيٌّ أَمْ لَا. ثُمَّ قَالَ: مَنْ نَظَرَ إِلَى هَؤُلاءِ الرَّهْطِ نَظْرَةً يُؤْذِيهِمْ بِهَا فَقَدْ غَرِمَ، وَمَعْنَى غَرِمَ هَلَكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ عَذَابهَا كَانَ غراما﴾ فَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَابْنُ أَبِي رَبِيعَةَ* وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِبَعْثِ قُرَيْشٍ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى النَّجَاشِيّ، فَقدم
_________
١ إِن هُنَا بِمَعْنى مَا النافية.
٢ الْمشكاة: كل كوَّة -بتَشْديد الْوَاو- نَافِذَة.
٣ البتول: الطاهرة.
٤ يُرِيد: مَا زَادَت المسيحية على ذَلِك.
* قلت: وَكَانَ من شَأْنه أَن نزع من الْملك مرّة وَبَاعه قومه وَاشْتَرَاهُ الْعَرَب، فَوَقع لرجل من بني مرّة، فاسترعاه الْغنم. وَلما سمع بانتصار النَّبِي ﷺ يَوْم بدر بعث إِلَى من عِنْده من الْمُسلمين يبشرهم بذلك، فَحَضَرُوا، فَإِذا عَلَيْهِ مسح أسود وَقد افترش الرماد وَجلسَ عَلَيْهِ، وَذكر أَن السَّبَب فِي ذَلِك أَنه يجد عِنْده [أَي فِي الْإِنْجِيل] أَن من أَصَابَته نعْمَة عَظِيمَة تواضع الله بِقدر تِلْكَ النِّعْمَة، وقص عَلَيْهِم الْخَبَر، فَقَالَ: إِن الْوَاقِعَة كَانَت ببدر، وَاد كثير الْأَرَاك، وَقَالَ: أَنا أعرف الْوَادي كنت أرعى فِيهِ الْغنم على سَيِّدي أحد بني ضَمرَة "هَكَذَا" وَأقَام النَّجَاشِيّ مستعبدا مَا شَاءَ الله. فَلَمَّا اخْتَلَط أَمر الْحَبَشَة لفقده بعثوا فِي طلبه فأعادوه إِلَى مَكَّة بعد الْعُبُودِيَّة، فَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ حَيْثُ يَقُول: "فوَاللَّه مَا أطَاع الله فِي النَّاس حِين رد عَليّ ملكي" وَالله أعلم.
1 / 133