192

Durar Faraid

درر الفرائد المستحسنة في شرح منظومة ابن الشحنة

Penyiasat

الدكتور سُلَيمان حُسَين العُمَيرات

Penerbit

دار ابن حزم

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ (١) [الإخلاص: ١ - ٢] لَمْ يَقُلْ: هُوَ الصَّمَدُ. (٢)

(١) لتمكين المسندِ إليه في ذِهْن السَّامِعِ. انظر: التّلخيص ص ٣٦. (٢) وَقَدْ يُوْضَعُ المسندُ إليه الْمُظْهَرُ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ: فإنْ كانَ المظهَرُ الَّذي وُضِعَ موضِعَ المضمَرِ: اسمَ إشارةٍ، فذاكَ: لِكمال العِنايةِ بتمييز المسند إليه؛ لاختصاصِه بحُكمٍ بديع؛ كقول ابن الرَّاوَنْدِيّ: [البسيط] كَمْ عَاقِلٍ عَاقِلٍ أَعْيَتْ مَذَاهِبُهُ ... وَجَاهِلٍ جَاهِلٍ تَلْقَاهُ مَرْزُوْقَا هَذَا الَّذِيْ تَرَكَ الْأَوْهَامَ حَائِرَةً ... وَصَيَّرَ الْعَالِمَ النِّحْرِيْرَ زِنْدِيْقَا فقوله: «هذا» إشارةٌ إلى حُكْمٍ سابقٍ غيرِ محسوسٍ، وهو: (حرمانُ العاقلِ وارتزاقُ الجاهل)، وكان مقتضى الظّاهر الإضمارَ؛ لتقدُّم ذِكْرِه، فيقول: «هما أو هو» مثلًا، ولكنْ عَدَل إلى اسم الإشارة؛ ليُري السَّامعَ أنّ هذا الشّيءَ المتميّزَ المتعيِّنَ هو الّذي له الحكمُ العجيبُ، وهو: (جعلُ الأوهامِ حائرةً والعالِم النِّحريرِ زنديقًا). أو للتَّهَكُّمِ بالسَّامعِ: كما إذا كانَ فاقِدًا للبَصَرِ: وسألَ: «مَن رماني بالحَجَر؟»، فقيلَ له: «هذا الّذي رماك بالحَجَر» وكان مقتضى الظَّاهر أن يُقال: «هو الّذي ...» لتقدُّم مرجعِ الضّمير في سؤال الكفيف؛ لكنْ عُدِلَ إلى اسم الإشارة لقصْدِ السُّخرية بالمخاطَب؛ إذ نزَّلَه منزلةَ البصيرِ استهزاءً به. أو لم يكنْ ثَمَّ مُشارٌ إليه أصلًا: كما لو سأل البصيرُ السؤالَ ذاتَه، فأُجيبَ الجوابَ ذاتَه، مع عدم وجود مشارٍ إليه أصلًا. أو للتَّنبيه: أ- على كمال بلادته؛ بأنّه لا يُدرِكُ إلّا المُعايَنَ المحسوسَ بالبصر؛ كأنْ يسألَك: مَن شاعرُ الفلاسفة؟ فتجيبه: (ذلك أبو العلاء المعرّيّ)؛ ومقتضى الظَّاهر أن تقول: (هو أبو العلاء ..)؛ لتقدُّم مرجِعِ الضَّمير، لكنّك خالفتَ الظَّاهرَ؛ تنبيهًا على أنّ مخاطبَك بليدٌ تمامًا، لا يفهمُ إلّا بالإشارة الحِسّيّة. ب- على كمال فطانته بأنّ غير المحسوس بالبصر عنده كالمحسوسِ عند غيره؛ كأنْ يدورَ النَّقاشُ حولَ مسألةٍ فلسفيّةٍ عميقةٍ، فيقول الأبُ لابنِه: (هذه مسألةٌ واضحةٌ)؛ لأنَّه توسَّمَ النُّبوغَ والفَهْمَ في ابنِه، فكأنَّ هذه المسألةَ التَّجريديّةَ صارت عندَه مفهومةً كما يُفهَمُ المحسوسُ عندَ غيرِه. أو لادِّعاءِ كمالِ ظهورِه؛ حتّى كأنّه محسوسٌ بالبَصَر: كأنْ يجري النّقاشُ في مجلس حولَ مفهومٍ تجريديّ، فيقولُ أحدُهم: «هذا أوضحُ من الشَّمس». مكانَ «هو ...». وإنْ كانَ المظهَرُ الَّذي وُضِعَ موضِعَ المضمَرِ: غيرَ اسمِ الإشارةِ، فذاكَ: =

1 / 226