ورأيتُ أنَّ «دُرَر الفرائد المُسْتَحْسَنة في شرح منظومة ابن الشِّحنة» لابن عبد الحقّ العمريّ الطّرابُلْسيّ (ت بعد ١٠٢٤ هـ) من النُّصوصِ الصّالحةِ لِأَنْ تُتَّخَذَ قاعدةً للدَّرسِ والتَّحقيق في بحثٍ أُعِدُّه لنيل درجة الماجستير في علوم اللُّغة العربيّة وآدابِها في جامعة دمشق.
وجعلتُ موضوعَ بحثي هذا في قِسمين؛ خصَصْتُ أوَّلَهما للدِّراسة، وأفردتُ الثّانيَ للنَّصِّ المُحقَّق.
أمّا الدِّراسةُ فكانت في فصلَين:
الفصل الأوّل: (النّاظم والمنظوم) تناولتُ فيه النّاظمَ ابنَ الشِّحْنَة، فأظهرتُ ملامحَ شخصيَّتِه العِلميّة؛ ومصنَّفاتِه. وتكلّمتُ على منظومة ابن الشِّحْنةِ (عَرْضًا ونقدًا)؛ فعرضتُ لأبوابِها ومضمونها وبيّنتُ مكانةَ هذه المنظومة من تاريخ التّأليف البلاغيّ العربيّ.
ثُمَّ وقفتُ عندَ الحركة التَّأليفيَّة الدَّائرة حولَ منظومةِ ابن الشِّحنة، فأحصيتُ قريبًا من ثلاثين من الشُّروح التي أُقيمَتْ عليها - وجُلُّها مازالَ مخطوطًا.
الفصل الثّاني: (الشّارح والمشروح) عقدتُه لدراسة كتابِ «دُرَر الفرائد المستحسَنة في شرح منظومة ابن الشِّحْنة»، فترجمتُ لصاحبِه ابن عبد الحقّ العُمريّ، ثُمّ درستُ الأُسُسَ التي بنى عليها منهجَه في شرح كلامِ النّاظمِ، وطريقتَه في عَرْضِ المادّةِ وترتيبِها، وعرضتُ لمصادرِه، ومسالكِه في الأخْذِ عنها، وتكلَّمْتُ بعد ذلك على منزلة هذا الشّرحِ مُشيرًا إلى ما فيه من مزايا جعلَتْهُ أكثرَ الشُّروحِ اشتِهارًا وتداوُلًا.
وأمّا التّحقيقُ فكانَ على أربعِ نُسَخٍ إحداها نفيسةٌ بخطِّ نجلِ المؤلِّف نقلًا عن مُسوَّدةِ أبيه، وكنتُ أطمحُ فيه إلى تقديمِ مَتْنٍ في علم البلاغةِ أقربَ ما يكونُ إلى الصِّحّة والسّلامة مادّةً وضَبْطًا، أربُطُ فيه هذا
1 / 17