الثاني:
ما أشار إليه الجاحظ؛ من أن عادة التزوج بالحرائر كانت في عهده كعادتنا الآن! لا ينظر الرجل إلى من يريد أن يتزوج، ولكن تتوسط «الخاطبة»، فتروي له من محاسنها ما تشاء، وقد لا يتفق ذوقها وذوقه.. هذا إن صدقته! وليس ذلك هو الشأن في الأمة، فهو يراها قبل أن يقدم على تملكها. قال الجاحظ: «قال بعض من احتج للعلة التي من أجلها صار أكثر الإماء أحظى عند الرجل من أكثر المهيرات:
14
إن الرجل قبل أن يملك الأمة قد تأمل كل شيء منها، وعرف ما خلا حظوة الخلوة، فأقدم على ابتياعها بعد وقوعها بالموافقة. والحرة إنما يستشار في جمالها النساء، والنساء لا يبصرن من جمال النساء وحاجات الرجال، وموافقتهن قليلا ولا كثيرا! والرجال بالنساء أبصر.. وقد تحسن المرأة أن تقول: كأن أنفها السيف! وكأن عينها عين غزال! وكأن عنقها إبريق فضة ...! وكأن شعرها العناقيد ...! وهناك أسباب أخر، بها يكون الحب والبغض.»
15
ومن أقوال العرب المشهورة: «الأمة تشترى بالعين وترد بالعيب، والحرة غل في عنق من صارت إليه!» وقالوا: «عجبت لمن لبس القصير؛ كيف يلبس الطويل! ولمن أحفى شعره؛ كيف أعفاه! وعجبا لمن عرف الإماء؛ كيف يقدم على الحرائر!»
16
وقد اشتهرت الأصقاع المختلفة بميلهم إلى أجناس مختلفة من النساء، بحكم الجوار، وبحكم ما كانوا يأسرون ويسترقون «من ذلك: أن أهل البصرة أشهى النساء عندهم؛ الهنديات وبنات الهنديات، والأغوار،
17
واليمن أشهى النساء عندهم؛ الحبشيات وبنات الحبشيات، وأهل الشام أشهى النساء عندهم؛ الروميات وبنات الروميات. وكل قوم فإنما يشتهون جلبهم وسبيهم إلا الشاذ، وليس على الشاذ قياس.»
Halaman tidak diketahui