Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal
دروس الشيخ حسن أبو الأشبال
Genre-genre
نصر الله لدينه
أما أرض فلسطين تلك الأرض السليبة المغتصبة التي اغتصبها اليهود بمعاونة الصليبيين في أوروبا وأمريكا، فهناك نصر عظيم جدًا، ولذلك لما تولى شارون الحكم رفع إبهامه في مجلس اليهود في فلسطين وقال: موعدكم للتخلص من الانتفاضة بعد مرور مائة يوم لا مائة وواحد.
فمر على توليه عامًا كاملًا ويزداد الأمر تعقيدًا ثم تعقيدًا، مما جعل شارون واليهود جميعًا في حرج بالغ، واليهود الآن يتنكرون ويبكتون شارون أين المائة التي وعدت بها، أين الوفاء يا شارون؟ فهو في مأزق عظيم لا يكاد أن يخرج من أزمة إلا ويدخل في أزمات حتى يلحق بسابقيه باراك ونتنياهو، لا بد أن يلحق بهما ويلقوا جميعًا في مزبلة التاريخ، ولن يبقى إلا نصر عقيدة التوحيد على أرض فلسطين، وذلك كائن لا محالة؛ لأن الله تعالى هو الذي وعد بذلك، ووعد الله لا يتخلف: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران:٩].
ألا ترون أن اليهود بأسطولهم الجوي والبري على أرض فلسطين يخافون من أطفال الحجارة، ثم ازداد خوفهم ورعبهم من صاروخ يسمى القسام اثنين، صاروخ يمكن للأطفال أن يصنعوه بالمطارق والفئوس، حديد جمع من هنا وهناك ومعدات بسيطة يسيرة، ولكنهم لما أطلقوه بفضل الله وقدره دمر لهم دبابة، وهم في ذعر وأي ذعر منذ أن أطلق ذلك الصاروخ، ويدندنون بالسلام الشامل والسلام العادل، ولكن الله ﵎ نهانا أن نجنح للسلم إلا من علو قهر وغلبة وتمكين، وأن نكون نحن الأعلين وهم الأسفلين: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ﴾ [الأنفال:٦١] هم أولًا.
﴿فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [الأنفال:٦١] أي: لا يضرك غدرهم بعد ذلك.
لكن لا بد أن تعد لهم العدة: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال:٦٠].
إذا كان الدفاع عن الإسلام هو الإرهاب، فأول إرهابي على وجه الأرض هو آدم ﵇، ثم نوح ﵇، ثم كل الأنبياء والمرسلين، وأعظمهم إرهابًا هو محمد ﵊ إذا كان دين الله هو الإرهاب فمرحبًا بالإرهاب، ومرحبًا بالقتل والقتال أفواجًا وجماعات في سبيل الله ﷿، وفي سبيل هذا الإرهاب: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال:٦٠].
إن إرهاب العدو واجب على أهل الإيمان، ولذلك سطر الله ﵎ في كتابه شهادة حق وتقدير لهؤلاء الذين قتلوا في ذلك الأخدود، قال الله تعالى مقسمًا على فوزهم وفلاحهم: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ﴾ [البروج:١ - ٧].
﴿وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾ [البروج:٧] أي: هؤلاء الظلمة الطغاة الكفرة على ما يفعلون بالمؤمنين يأتون شهودًا يوم القيامة، كما أنهم كانوا شهودًا على قتلهم وتدميرهم وتشريدهم وسلبهم في الدنيا، فإنهم يأتون كذلك شهودًا على أنفسهم يوم القيامة.
هذه شهادة حق سجلها التاريخ.
ثم من رحمة الله ﷿ أن فتح لهم باب الأمل والتوبة فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج:١٠].
قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الجود والكرم، قتلوا أولياءه وأحرقوهم ثم يدعوهم إلى التوبة.
﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [البروج:١٠ - ١١] ثم يأتي الحكم النهائي: ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾ [البروج:١١].
حكم الله تعالى على هذه القضية بأن الفائز فيها هم أهل الإيمان الذين أحرقت أبدانهم وذهبت أجسامهم، ومع هذا فهم أصحاب الفلاح وأصحاب النصر، وهم الفائزون في هذه القضية، وإن الناظر منا إلى هذا الموقف لا بد أن يرجع إليه طرفه بأن الخاسر في هذه القضية هم أهل الإيمان وليس الأمر كذلك؛ لأن النصر الحقيقي إنما هو نصر العقيدة والتوحيد، ولذلك بيَّن الله ﵎ -كما وعد في غير ما آية من كتابه- أن دينه قائم، وأن ما وعد الله تعالى به عباده المؤمنين لا بد أن يتحقق رغم أنوف الكافرين، رضي بذلك من رضي وسخط على ذلك من سخط، قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ ا
15 / 9