Doctrinal Debates of Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah
المناظرات العقدية لشيخ الإسلام ابن تيمية
Penerbit
الناشر المتميز
Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
Lokasi Penerbit
دار النصيحة - الرياض
Genre-genre
الصحابة بمنزلة موسى بن عمران، وكان من خاطبه هؤلاء أعظم من موسى؛ لأن موسى سمع الكلام الإلهي من الشجرة وهؤلاء يسمعون من الجن الناطق.
وهذا يقوله قوم من الاتحادية لكن أكثرهم جهال لا يفرقون بين الاتحاد العام المطلق الذي يذهب إليه الفاجر التلمساني وذووه، وبين الاتحاد المعين الذي يذهب إليه النصارى والغالية وقد كان سلف الأمة وسادات الأئمة؛ يرون كفر الجهمية أعظم من كفر اليهود كما قال عبد الله بن المبارك (^١) والبخاري (^٢) وغيرهما، وإنما كانوا يلوحون تلويحًا، وقل أن كانوا يصرحون بأن ذاته في مكان.
وأما هؤلاء الاتحادية فهم أخبث وأكفر من أولئك الجهمية، ولكن السلف والأئمة أعلم بالإسلام وبحقائقه؛ فإن كثيرًا من الناس قد لا يفهم تغليظهم في ذم المقالة حتى يتدبرها ويرزق نور الهدى، فلما اطلع السلف على سر القول نفروا منه» (^٣).
المطلب الثاني: دراسة أهم المسائل العقدية الواردة في هذه المناظرة:
مناقشة شبهة فناء الحلاج واتحاد الحق -سبحانه- به:
وستكون دراستها من وجهين:
الوجه الأول: بيان أصل الشبهة:
بين شيخ الإسلام ﵀ أن بعض المتصوفة قد تغلب عليه الواردات والأحوال، حتى تستولي على قلبه وفكره، فيفنى (^٤) عن كل موجود في نظره،
(^١) قال ابن المبارك ﵀: (إنَّا لنحكي كلام اليهود والنَّصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجَهمية) وقد سبق عزوه.
(^٢) قال الإمام البخاري ﵀: (ما أبالي صليت خلف الجهمي الرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون، ولا يشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم) خلق أفعال العباد للبخاري (ص: ٣١).
(^٣) مجموع الفتاوى (٢/ ٤٧٦ - ٤٧٧). وانظر: درء تعارض العقل والنقل (٥/ ١٧٠).
(^٤) قال شيخ الإسلام في كتابه الرد على الشاذلي (ص: ١٩١): «مقامَ الفناء والاصطلام: وهو أن يغيب السالك بمعروفه عن معرفته وبمذكوره عن ذكره وبمعبوده عن عبادته وبموجوده عن وجوده». وقال ابن القيم: «والفناء الذي يشير إليه القوم، ويعملون عليه: أن تذهب المحدثات في شهود العبد، وتغيب في أفق العدم، كما كانت قبل أن توجد، ويبقى الحق تعالى كما لم يزل، ثم تغيب صورة المشاهد ورسمه أيضا، فلا يبقى له صورة ولا رسم، ثم يغيب شهوده أيضا، فلا يبقى له شهود، ويصير الحق هو الذي يشاهد نفسه بنفسه، كما كان الأمر قبل إيجاد المكونات، وحقيقته: أن يفنى من لم يكن، ويبقى من لم يزل». مدارج السالكين (١/ ١٦٨ - ١٦٩). وللفناء إطلاقات ثلاث انظرها ص:٢٥٧. من هذه الرسالة.
1 / 262