189
كل جسم في جسم آخر، فمن قال: الباري في جهة، وأراد بالجهة أمرًا موجودًا فكل ما سواه مخلوق له في جهة بهذا التفسير فهو مخطئ. وإن أراد بالجهة أمرًا عدميًا وهو ما فوق العالم، وقال: إن الله فوق العالم، فقد أصاب، وليس فوق العالم موجود غيره، فلا يكون سبحانه في شيء من الموجودات. وأما إذا فسرت الجهة بالأمر العدمي، فالعدم لا شيء. وهذا ونحوه من الاستفسار وبيان ما يراد به اللفظ من معنى صحيح وباطل يزيل عامة الشبه. فإذا قال نافي الرؤية: لو رؤي لكان في جهة وهذا ممتنع، فالرؤية ممتنعة. قيل له: إن أردت بالجهة أمرًا وجوديًا فالمقدمة الأولى ممنوعة، وإن أردت بالجهة أمرًا عدميًا، فالثانية ممنوعة، فيلزم بطلان أحد المقدمتين على كل تقدير، فتكون الحجة باطلة، وذلك أنه إن أراد بالجهة أمرًا وجوديًا لم يلزم أن كل مرئي في جهة وجودية، فإن سطح العالم الذي هو أعلاه ليس في جهة وجودية، ومع هذا تجوز رؤيته، فإنه جسم من الأجسام، فبطل قولهم: كل مرئي لا بد أن يكون في جهة إن أراد بالجهة أمرًا

1 / 188