وقلت:
(إذا ما بدت فينا عطاياهُ عقبت ... وكم بادئ للمزنِ غير معقب)
(ولما يفرره تقلّب دهره ... فقلت لعلَ الدهرَ لم يتقلب)
(ويدنو له المطلوبُ حتى كأنما ... يواكب ضوء الصبح في كل مطلب)
أبلغ ما قيل في اهتمام الرجل بأمر أخيه قول بعضهم:
(سأشكرُ عمرًا إن تراخَتْ مَنيّتي ... أياديَ لم تُمنن وإن هي جلَّتِ)
(فتى غير مفراح إذا الخيرُ مسهُ ... ولا مظهر الشكوى إذا النعلُ زلت)
(رأى خلتي من حيثُ يخفي مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلت)
وقوله (قذى عينه) لا يقوم مقامه شئ في شدة الاهتمام لأن الانسان إذا قذيت عينه صرف الهمة إلى تقذيتها من غير اشتغال بشئ غيرها وهو على قوله (من حيث يخفي مكانها) أبلغ لأنه يدل على تفقد شديد وعناية تامة. ومما هو في هذه الطريقة قول أمية بن أبي الصلت:
(إذا ليلةُ نابتك بالشكوِ لم أبت ... لشكواك إلا ساهرًا أتململُ)
(كأني أنا المطروقُ دونك بالذي ... طرقتَ به دوني فعيني تهمُلُ)
وقالوا أشجع بيت قالته العرب قول عباس بن مرداس السلمي:
(أشدُ على الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها)
قالوا أربعة من الشجعان تتبين دلائل الجبن في شعر ثلاثة منهم فمن الثلاثة عنترة في قوله:
(فإذا شربتُ فإنني مستهلكٌ ... مالي وعرضي وافرٌ لم يكلمِ)
(وإذا صحوتُ فما أقصِّر عن ندىً ... وكما علمتِ شمائلي وتكرمي)