يا أرْبَدَ الخَيرِ الكَريمَ جُدُودُهُ ... أفرَدتَني أمْشي بقَرْنٍ أعْضَبِ
إنَّ الرزيّةَ لا رزيّةَ مِثْلُهَا ... فِقدانُ كُلِّ أخٍ كضوْءِ الكَوْكَبِ
ذَهَبَ الّذينَ يُعاشُ في أكْنَافِهِمْ ... وبَقيتُ في خَلْفٍ كجِلدِ الأجرَبِ
يَتَأكّلُونَ مغالة ً وخِيانة ً ... وَيُعاَبُ قائِلُهُمْ وإن لَمْ يَشْغَبِ
وَلَقَدْ أراني تارة ً مِنْ جَعْفَرٍ ... في مِثلِ غَيثِ الوابِلِ المُتَحَلِّبِ
مِنْ كُلِّ كَهْلٍ كالسِّنَانِ وسَيِّدٍ ... صَعْبِ المَقَادَةِ كالفَنيقِ المُصْعَبِ (١)
مِنْ مَعشَرٍ سَنّتْ لَهُمْ آبَاؤهُمْ ... والعِزُّ قَدْ يأتي بغَيرِ تَطَلُّبِ (٢)
فَبَرَى عِظاميَ بَعْدَ لَحْميَ فَقْدُهم ... والدَّهرُ إنْ عاتَبْتُ لَيسَ بمُعْتِبِ
فاحكمْ وصوِّب [الرجز]
لمَا شاخ أبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنّة أخذ علقمة بن علاثة من الحوص من بني جعفر وعامر بن الطفيل يتنافسان على زعامة بني عامر، فتنافرا وتحاكما إلى هرم بن قطبة الفزاري، وكان لبيد في صف عامر، وله في هذه المنافرة المشهورة رجز وقصيد، فممّا قاله في تلك المنافرة يخاطب هرمًا يوم جلس للحكومة، وقد انتهت المنافرة وتجمع النّاس ليعرفوا رأيه:
يا هَرِمَ ابنَ الأكْرَمِينَ مَنْصِبَا
إنّكَ قَدْ وَلِيتَ حُكْمًا مُعْجِبَا
فاحْكُمْ وصَوِّبْ رَأيَ مَنْ تَصَوَّبَا
_________
(١) الفنيق: هو الفحل الذي لا يركب لكرامته على أصحابه. المصعب: كل فحل لا يستطاع تذليله.
(٢) تطلّب: أي طلب.
1 / 26