Kajian Tentang Mazhab-mazhab Adab dan Sosial
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Genre-genre
هذه الرموز، أو هذه الكلمات، هي كما قال «مرداد» بطل القصة أو رسولها في بعض عظاته: «إن الكلمات على أحسنها إنما هي ومضات تكشف الآفاق، فليست هي الطرق التي تفضي إلى تلك الآفاق، وليست هي من باب أولى بتلك الآفاق نفسها، فإذا حدثتكم ... فلا تتعلقوا بالحرف بل اتبعوا الومضة، فتجدوا من كلماتي أجنحة قوية لفهمكم المكدود.»
وليس للقصة كذلك واقعة تقبل التلخيص، وكل ما في واقعتها أنها سمط تناط به الكلمات، أو سلك تنبض فيه الومضات هنا وهناك، وليس للقارئ أن يسأل فيها عن التجارب الحسية ما يقع منها وما لا يقع في عالم الحس المشهور، فإنها تغضي عن الحس عمدا؛ لأنها تقصد إلى الخروج منه ولا تقصد إلى التقيد به أو الوقوف عنده، فهي في حل من ضوابط المحسوسات.
ولك أن تقول: إن الواقعة نفسها رمز من الرموز وليست حدثا من الأحداث، فهي بمقياس الرموز - لا بمقياس الأحداث - تقاس، أو هي لا تقاس ولكنها تفهم على النحو الأليق بها من التعبير.
قمة في جبل، يسأل عنها فتى من طلاب المجهول، فيقال له: إنها قمة الفلك؛ لأن «نوحا» بناها على الطوفان ليعتصم بها من الغرق في الدنيا، بعد أن عصمه الفلك من الغرق في الماء، وأوصى بنيه أن يوقدوا فيها نارا لا تطفأ على مدى الزمن؛ لأنها هي شعلة الإيمان، وأن يقيموا إلى جانبها هيكلا على صورة الفلك، ولا يأذنوا لأكثر من تسعة أن يسكنوه، وهم رفقاء الفلك الذين يحرسون نار الإيمان ولا يشغلون ضمائرهم بهم من هموم العيش ولا بشهوة من شهوات الجسد، ويأتيهم رزقهم من حيث لا يحتسبون، ويسوق إليهم القدر تاسعهم كلما فقدوا واحدا منهم، وعليهم أن يتقبلوه كلما طرأ عليهم؛ لأنه لا يأتيهم إلا من عند الله.
ويشتهر هيكل الفلك فيقبل عليه الزوار بالهدايا، وتكثر الهدايا فيملك الرفقاء حبوسا في الأرض تملأ خزائنهم بالخيرات، ويتولى الرياسة فيه - زمنا من الأزمان - رفيق جشع يدعى «شمدام» فيرفض الضيف التاسع حين ساقه إليه القدر؛ لأنه أحس فيه سرا يجهله ويخشى أن يرشحه للرياسة، ثم يقبله خادما في الهيكل، فيقضي في الخدمة سنوات يتجلى في خلالها سره للرفقاء، فيقتدون به ويلتمسون عنده الهداية، ويغار منه الرئيس فيصابره زمنا ثم يغري به أمينا في جواره فيعتقله ويقصيه عن الهيكل، ولكنه يعود إليه بسره الذي يحطم القيود ويتحدى السلطان، ويحمل الرفاق في الفلك ويترك «شمدام» طيفا مرصودا يحوم حوله مغلق الفم معتقل اللسان.
ذلك هو «مرداد» بطل القصة أو رسول الكتاب.
وإنه ليرصد «شمدام» إلى اليوم المعلوم في انتظار وافد له علامة، وعلامته أنه يصعد إلى القمة من أوعر الطرقات إليها، فإذا حان اليوم المعلوم وصعد الوافد إلى القمة جائعا عاريا منزوفا منهوكا بغير سند ولا وقاء، فتلك علامته التي تطلق لسان شمدام، فيروي له قصته ويسلمه كتاب «مرداد».
وكتاب مرداد هذا هو وصاياه التي باح بها لتلاميذه، وهي الوصايا التي لا نلخصها في هذا المقال؛ لأنها كما أسلفنا لا تقبل التلخيص، ولكننا ننقل منها فقرات من هنا وهناك في مختلف الصفحات، بغير ترتيب مقصود.
عندما خلق على الأرض أول إنسان وقف في ناحية من السماء ملكان يتحاوران، فجرى بينهما هذا الحوار:
الأول :
Halaman tidak diketahui