Kajian Falsafah Islam
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Genre-genre
إلى هذا الحد وصل حد الإقلال من العرب، تاريخا وحاضرا، مع أن مصر بدأت نهضتها الأولى مع اليابان، وكان الإمبراطور ميجي يعتبر محمد علي رائدا له في بناء الدولة الحديثة. وإن العملاق الاقتصادي والقزم السياسي ليس مثالا يحتذى به. كما أن الإرادة السياسية المستقلة والتأثير في مجرى التاريخ ليس وهما. وينتهي المؤلف إلى إنكار الأمة العربية إنكارا تاما واقعا وتاريخا ومصيرا، وكأن نقد أيديولوجيات القومية العربية حتى مع صوابه هو دليل على عدم وجود أمة عربية وليس فقط دليلا على ضعف الصياغات الأيديولوجية الحالية.
4
وبالرغم من أن فلسطين جزء رئيسي من تاريخ العرب وركيزة وجدانهم المعاصر؛ إلا أنها لا تحظى من المؤلف إلا بفقرات محدودة وكأنها هامشية المكان لا تعادل في أهميتها التاريخ الأوروبي بالنسبة للشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي. ويدعو المؤلف قراءه العرب إلى التأمل في الوجاهة الأخلاقية والتاريخية للمشروع الصهيوني! فالشعب اليهودي يعود إلى أرض كانت له من قبل؛ وبالتالي فهو يدافع عن كيان مهدد في كيانه، يجمع بين الماضي والحاضر، بين التاريخ والروح. لذلك تعاطف معه الغرب لاشتراكه معه في هذا التاريخ وهذه الروحانية وخذل العرب في فهمهم للقضية؛ نظرا لتركيزهم على الصلة بين الصهيونية والاستعمار! ويمكن نقض المشروع الصهيوني بطبيعة الحال بما يقابله من مشروع عربي إسلامي، حجة بحجة، شرعيتان تتنازعان أرضا واحدة،
5
وبالرغم من أن المؤلف يرفض الحلول الاستسلامية إلا أنه أيضا يرفض الحلول الثورية التي ترى في تثوير العالم العربي تحريرا لفلسطين، ويحكم عليه بأنه حل تهربي طوباوي. ويقترح ترك القضية التي يسميها المؤلف «الإسرائيلية» وليس الفلسطينية لآفاق المستقبل، بعد أن عجز الحاضر عن إيجاد حل لها!
6
سابعا: التاريخ الأوروبي والثقافة الغربية
إذا كان التقابل الذي يصنعه المؤلف بين مصر وتونس، المشرق العربي والمغرب العربي، والعروبة وفلسطين يمثل مواقف فكرية وسياسية فإن اعتبار التاريخ الأوروبي والثقافة الغربية كإطار نظري لفهم الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي تتم الإحالة إليه باستمرار هو نوع من التغريب النظري والمنهجي صاحب المؤلف من أول الكتاب إلى آخره. بل إن استعمال التاريخ الغربي والثقافة الغربية كإطار مرجعي تتم الإحالة إليه باستمرار إنما يكشف عن موقف حضاري أبعد وأعمق، وهو فهم الأنا أو الذات بالإحالة المستمرة إلى الآخر أو الغير، وكأن الأنا أو الذات ليس لها إطارها النظري الخاص ولا يمكن فهمها بتكويناتها الداخلية أو باستعمال الإطار النظري الخاص بها من داخل حضارتها التي تكونت فيها الحضارة الإسلامية، وكأن الأنا لا تعكس نفسها إلا في مرآة الآخر، لا تعي ذاتها بذاتها كأنا إلا من خلال الآخر كمقياس ومعيار للحكم. إن من شروط التعريف هو عدم تعريف الشيء المجهول بشيء آخر مجهول بل تعريفه بشيء معلوم، وإن القارئ العربي الإسلامي الذي يريد معرفة ذاته وشخصيته العربية الإسلامية ومصيره العربي لا يستطيع أن يعلمها بالذهاب إلى البوربون والهبسبورغ والبلغار والسلاف والبروتستانت والكاثوليك وأوغسطين ومردال وسنسناتوس
Cincinatus ، بل الإحالة إلى الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والخلافة العثمانية. وإن القارئ العربي لا يفهم ذاته وشخصيته بالإحالة إلى سارتر وميرلو بونتي وفرويد واشبنجلر، بل بالإحالة إلى الأشعري والغزالي والباقلاني وابن سينا والرازي وابن عربي. ألا يستطيع القارئ الذي لا يعرف كل هذا التاريخ الأوروبي والثقافة الغربية أن يفهم ذاته وشخصيته؟ وإذا كان المثقفون العرب لا يعلمون هذا الإطار المرجعي الغربي بالدرجة الكافية فالأولى ألا تعرف جماهير القراء ذلك. بل إن القارئ العربي الذي يعرف التاريخ الأوروبي والثقافة الغربية لقادر أيضا أن يعرف ذاته بالإحالة إلى مكوناته الشخصية ومخزوناتها النفسية ورواسبها القديمة. لا يقع المؤلف فقط في نوع من التغريب يعترف به بادئ ذي بدء.
1
Halaman tidak diketahui