Kajian Falsafah Barat
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Genre-genre
كما ظهرت فلسفات آخر الزمان وعقائد آخر الزمان ونظريات الخلاص التي تتصور الإنسانية في المستقبل. فقد كتب فولني
Volney (1757-1875م) رواية «الأطلال» يتصور فيها البشرية وقد حكمتها نظم الطبيعة الأبدية وقوانينها مثل حب الذات والرغبة في السعادة وكراهية الألم، وتقرير الإنسان لمصيره وثقته بقدراته وتطلعه إلى عالم أفضل. كما كتب ستيف دي لابريتون (1757-1820م) رواية سماها «سنة 2000» يتنبأ فيها بمستقبل الإنسانية. كما ألف سباستيان مرسييه (1740-1825م) كتابه «سنة 2440» متصورا الأمم وحدة واحدة لا حرب بينها، ويصف مستقبل العالم متأثرا بليبنتز في أن الحاضر حامل للمستقبل؛ وبالتالي فإن مستقبل الإنسانية تطور طبيعي لحاضرها. وكان قد بدأ بكتابه «المتوحش» واضعا مقياس الأخلاقية في قلب الإنسان البدائي ثم رأى المستقبل البعيد حيث لا حرب ولا رق ولا ربا ولا سجون ولا مهور. يعيش الإنسان حياة بسيطة صحية يتذوق الفنون من كل حضارة، يعمل ولا يترهب، ويتربى على مبادئ روسو. (10)
كما ظهر أيضا الفكر الطوباوي الذي يحدد فيه الأفراد والمجتمعات رؤيتهم لبشرية جديدة ستأتي في المستقبل كرد فعل على مآسي الحاضر؛ فالفكر الطوباوي رفض للواقع ورؤية للمستقبل على مستوى التمني والآمال وإن لم يكن على مستوى التحقيق والتخطيط؛ فاليوتوبيا تدل على السلب والرفض. فقد كتب مور (1478-1535م) يوتوبيا، وكتب فرنسيس بيكون «أطلانطا الجديدة»، مدينة يترأسها العلماء كما ترأس الفلاسفة جمهورية أفلاطون. وكتب كامبانيللا (1568-1639م) ونظرا لغياب المستقبل كبعد «مدينة الشمس» وهارنجتون «أوسيانا». بل إن الحالة الطبيعية التي وصفها روسو، والجماعة الاشتراكية التي تعيش وفقا للطبيعة التي وضعها مورلي
Morelly
حيث لا ملكية ولا ظلم ولا طغيان، والاشتراكية الطوباوية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر كلها رؤى لمستقبل البشرية تكمن وراء تحويل المستقبل إلى علم كمي حسابي مضبوط دون حركة الشعوب ودون التاريخ.
7
رابعا: حيرة الحاضر في وجداننا القومي، في أي مرحلة من
التاريخ نحن نعيش؟
ونظرا لغياب المستقبل كبعد أصلي في تراثنا القديم وفي وجداننا المعاصر واتجاهنا نحو الماضي في تراثنا القديم وانطباع ذلك الغياب في وجداننا المعاصر حوصر الحاضر بين الماضي والمستقبل ولم يعد له وجود مستقل؛ فهو إما رجوع إلى الماضي أو دنو إلى المستقبل ولكنه لا وجود له بذاته. وأصبحت اتجاهاتنا الفكرية والسياسية إما رجوعا إلى الماضي كما هو الحال في الحركة السلفية وفي الفكر الديني التقليدي الذي تمثله الأشعرية أو قفز إلى المستقبل كما هو الحال في الحركة التقدمية وفي الفكر العلماني التقليدي الذي تمثل الماركسية أحد روافده؛ وبالتالي غاب الحاضر في كليهما، وحوصر بين الماضي والمستقبل. والحقيقة أن كليهما يخضع لمنهج واحد وهو النقل؛ إما النقل عن القديم المتمثل في تراثنا القديم أو النقل عن الجديد المتمثل في تراث الغرب؛ ومن ثم ساد النقل في حياتنا سواء كان نقلا مباشرا من القديم أو نقلا عقلانيا من الجديد. وإذا كان الحاضر هو الواقع، وغاب الحاضر، غاب الواقع أيضا. فأصبحنا معلقين في الهواء بلا زمان وفي الفضاء بلا مكان؛ لذلك لم نعد نعلم في أي مرحلة من التاريخ نحن نعيش؟ بقينا خارج مسار التاريخ، ولم نعرف منه إلا الماضي العتيد أو المستقبل البعيد؛ الأول مضى وانقضى إلى غير رجعة والثاني لن يتحقق في جيلنا؛ وبالتالي أسقطنا من الحساب ما هو ممكن التحقيق في الزمان وفي جيلنا وفي عصرنا. ونظرا لغياب الحاضر والمستقبل القريب جاءت حيرتنا أمامه: في أي لحظة من التاريخ نحن نعيش؟ ومن هنا جاء التخبط في التخطيط، والعشوائية في القرارات، والتضارب في القوانين، والعزلة عن الواقع، والنقل فوقه من كل اتجاه ومذهب بلا نهاية لمحاولات التجربة والخطأ بلا تعلم من التجارب، ومن غير اعتراف بالحقائق، ودون وعي بدروس التاريخ وعبر الأمم.
ولما كان الاتجاه نحو المستقبل لا يبدأ إلا من الحاضر، وكان المستقبل خطة شاملة ذات مراحل يتم الانتقال فيها فإن السؤال يكون: في أي مرحلة من التاريخ نحن نعيش؟ ما هي اللحظة الحاضرة التي يعيشها جيلنا؟ ما هي مهمة هذا الجيل بالنسبة للجيل الماضي والجيل القادم؟ ما هو الدور الذي يقوم به جيلنا حتى لا يقوم بأدوار أجيال مضت أو بأدوار أجيال قادمة؟ وطبقا لتجارب الأجيال الحاضرة، وتمهيدا للمرحلة التاريخية التي نمر بها الآن فإنه يمكن رصد المهام الآتية التي تم تشخيصها وتحديدها من مفكرينا ومصلحينا وعلمائنا إبان نهضتنا الحديثة التي شارفت على المائتي عام:
Halaman tidak diketahui